برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

تلعب العلاقات المتوترة بين إيران والسعودية دورا مهما في رسم ملامح الشرق الأوسط الجديد، فحسب الاستراتيجية الأمريكية فإن على قوى المنطقة أخذ المبادرة ولعب دورها من أجل إشعال الصراعات المحتملة والممكنة على المستوى المطلوب، فبين داعش التي تدفع الصراع نحو التطرف المذهبي، وبين روسيا التي تساعد التوسع الشيعي، تقف تركيا كقوة إقليمية، لتطرح السؤال: ما الذي يجب على تركيا فعله؟

كان تصرف تركيا لحفظ التوازن للثوار العرب مبنيًا على استراتيجيتين، الأولى وهي تحميل الولايات المتحدة الأمريكية مسؤوليتها في الأزمة السورية، أما الثانية فكانت بالعمل على توحيد الجهود مع القوى الكبرى في المنطقة كمصر وإيران والسعودية. فلقد أدركت تركيا عمق الازمة بين إيران والسعودية فسعت إلى تخفيض حدة الاستقطاب بتوحيد جهودها مع مصر بالتعاون والعمل المشترك.

لعبت كل من إيران والسعودية أدوار القوة الناعمة في كل من سوريا ومصر لقطع الطريق أمام الديمقراطية، فقامت السعودية بخطئها الكبير عندما أسقطت مرسي في مصر، بينما كان خطأ إيران أكبر عندما دفعت المنطقة من سوريا وحتى اليمن نحو الهاوية، والآن باتت كلا الدولتين تقاتل بعضهما البعض بحرب الوكالة في كل الشرق الأوسط. ولأن أنقرة تعي عمق الأزمة وحدة الاستقطاب بين الجبهة الشيعية بقيادة إيران والجبهة السنية بقيادة السعودية الوهابية فهي تعمل جاهدة لاستيعاب الصراع ونقله إلى مستوى الحوار.

كانت كلمات الرئيس أردوغان واضحة وجلية عندما رفض الصراع السني الشيعي وقال إن كلاهما مسلم، لكن ومع إعدام النمر انتعشت العداوة السعودية الإيرانية لتطرح السؤال من جديد: مع أي طرف تقف تركيا؟ كانت أفكار الحكومة واضحة تجاه سياسيات الإعدام منذ وقت طويل، فهي تحوم حول كونها خطرًا كبيرًا على السلام في المنطقة، ولهذا خرج نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش في تصريحاته مهاجما ومنتقدا أحكام الإعدام. كما وأوضح الرئيس أردوغان أن أحكام الإعدام لن تعدو عن كونها صداعًا يتردد في الآذان ويصمّ منفذيه.

تتأرجح مواقف أنقرة بين إيران الحذرة والمتأهبة لأطماع النفوذ في المنطقة من سوريا وحتى اليمن، وبين السعودية التي تعمل معها بتنسيق عالي المستوى من أجل حل الأزمة السورية، فأنقرة لا تريد ترسيخ التخوفات الإيرانية بشأن قوى النفوذ والهيمنة في المنطقة بتحالفها وأخذها الجانب السعودي، ولهذا فإنها لن تتدخل في الأزمة السورية بقوة برية، وما زالت تدعو إلى ترك الاستقطاب والتعصب المذهبي.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس