
ترك برس
يعد الشعب الكردي أحد شعوب المنطقة العريقة التي تشكل تاريخها وحضارتها وثقافتها المتسامحة القديمة، وعلى الرغم من تمكن جميع شعوب المنطقة من نيل الاستقلال القومي ظل الشعب الكردي بدون دولة قومية تلم شمله وتضمن له حقوقه وخاصة حقه في تقرير المصير.
ولم يتمكن الأكراد من الحصول على استقلال ذاتي غير مركزي إلا في شمال العراق بعد احتلال الولايات المُتحدة الأمريكية للعراق. واليوم وبعد احتدام التشاحن والتنازع في المنطقة، أصبحت قضية الأكراد من أكثر القضايا التي يعزف العناصر الفاعلة في الساحة عليها من أجل استخدامها لصالحها ضد مصالح جهات أخرى.
واطلاعًا على تحليل النائب في مجلس الشعب عن مدينة "ماردين" "أورهان ميرأوغلو"، ذي الأصول الكردية، في مقاله "من العدو للأكراد ومن الصديق؟"، نُشرت في صحيفة "ستار"، فإن المواطنين الأكراد واقعون بين خيار الولاء أما لإيران أو لتركيا منذ القرن السادس عشر، حيث كانت هناك حرب شرسة بين السلطان العثماني "ياووز سليم" والسلطان الصفوي "الشاه إسماعيل"، وفي نهاية هذه الحرب انتصر السلطان العثماني، وقبل الكرد الولاء للسلطان العثماني على أساس استقلال ذاتي.
وحسب ميرأوغلو، منذ القرن السادس العشر وحتى بعد مبايعة الكرد للدولة العثمانية، استمر الكرد في تشكيل عنصر منافسة جيو سياسي مهم بين الدولة الصفوي "سلف إيران" والدولة العثمانية "سلف تركيا"، وحاولتا الدولتان على الدوام إقناع الكرد أن يكونوا إلى جانبهما، ولكن استمر الأكراد على مبايعة الدولة العثمانية حتى انهيارها في نهاية الحرب العالمية الأولى.
ويصف ميرأوغلو الحالة التي يعيشها الأكراد اليوم بالحالة التاريخية التي تكرر نفسها على الرغم من مرور أكثر 500 عام على بدء حرب التنافس الجيوسياسي التأثيري بين تركيا وإيران.
وتعمل الباحثة السياسية "ناهدة شلبي" على كشف الموقفين التركي والإيراني تجاه الكرد ومستقبلهم من خلال مقالها التحليلي "أكراد سوريا وتركيا وإيران بين الموقفين التركي والإيراني" الذي نُشر على موقع "بلوك" الإخباري بتاريخ 10 كانون الأول/ ديسمبر 2015، مشيرة ً إلى أن الموقف التركي تجاه الدولة الكردية صاحبة الاستقلال الذاتي في شمال العراق يتجلى من خلال دعم تركيا لاستقلال الإقليم السياسي والاقتصادي والمحافظة على علاقات قوية مستندة على الاحترام المتبادل للسيادة بينها وبين قيادة الإقليم، إما على الصعيد الإيراني فتقوم إيران باختراق السيادة الإقليمية للإقليم وتلتقي مع عناصر بي كي كي وتؤكد على دعمها لهم في تحقيق أهدافهم المعلومة ضد تركيا، مما ينتج عن ذلك حرج شديد لقيادة الإقليم التي تسعى جاهدةً للمحافظة على علاقات متينة مع تركيا، لردع وصد داعش عن الإقليم ومصالحه.
وعلى صعيد المواطنين الأكراد في شمال سوريا، فتوضح شلبي أن تركيا تعارض انجرار الأكراد نحو الخطط الغربية الرامية إلى تقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة، وتدعم تركيا وحدة سوريا وأرضها وتحذر المواطنين الأكراد من مغبة الإقدام على الانقسام لأن ذلك سيكون له العديد من العواقب الوخيمة على مستقبل علاقتها مع الفئات الأخرى للمجتمع السوري، ولكن إيران تدعم انقسام الأكراد في سوريا، وتقدم لهم كافة الدعم اللازمة لإحداث انقسام والوقوف إلى جانب نظام الأسد، وهذا ما يمكن أن يشكل خطرًا جسيمًا على المصالح الكردية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سوريا في المستقبل البعيد.
وتؤكد الباحثة ذات الأصول الكردية أنه ليس من الإنصاف التأكيد على أن الموقف التركي أفضل من الموقف الإيران أو العكس، ولكن إن تم الأخذ بالحسبان المعيار الاستراتيجي المستقبلي للموقفين، يتضح أن الموقف التركي أقرب للكرد من ناحية نيل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن مع معارضته الشديدة للانقسام التام للأكراد في شمال سوريا، تؤمن تركيا أن الحفاظ على الهوية الكردية لا يمكن أن يتم إلا من خلال الحفاظ على اللُحمة الرابطة للمواطنين الأكراد مع الدول التي ينتمون إليها وليس من خلال الانقسام والتفرقة، أما من ناحية الموقف الإيراني، فيبدو وكأنه يدعم الانقسام في شمال سوريا، ولكن في الطرف الأخر لا يحترم السيادة التامة لإقليم شمال العراق ولا يقبل هذا الحق لمواطنيه ذوي الأصول الكردية، إذ بدأت إيران مؤخرًا فقط بإعطاء بعض الحقوق للمواطنين الأكراد ولكن ليس بالشكل الذي قدمته تركيا لمواطنيه الأكراد.
وترى شلبي أنه من خلال التمعن بالمقارنة أعلاه يتضح من من كلا الدولتين أقرب للمصالح الكردية؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!