
جلال سلمي - خاص ترك برس
توالت الأحداث الإرهابية مؤخرًا مستهدفةً عددًا من العواصم والدول حول العالم ومخلفةً بذلك حالة من القلق والتوتر على الصعيدين الشعبي والحكومي وطارحة تساؤلًا يدفع الجميع بصرف النظر عن مقامه وموقعه إلى السؤال عن الدوافع الأساسية لانتشار الإرهاب أو لإقدام الإرهابيين على تفجير أنفسهم بهذا الشكل.
وقد دفعت الأحداث الأخيرة التي أصابت تركيا في الآونة الأخيرة الباحثين إلى دراسة موضوع الإرهاب ودوافعه بشكل معمق ومفصل.
وتناول الباحث التركي "حقي أرسلان" الموضوع في مقاله بصحيفة تركيا في 15 يناير الجاري "الإرهاب لا ينمو من تلقاء نفسه"، إذ يشير أرسلان إلى أن الهجمات التي لم تستهدف تركيا وحدها بل عددًا من العواصم حول العالم، يجب أن تدفع الجميع إلى التساؤل عن الأسباب والدوافع التي تدفع الإرهابيين للقيام بذلك.
ويوضح أرسلان أن للإرهاب عددًا من الأوجه والأشكال فهناك الإرهاب الخشن أو المباشر وهو الذي يكون من خلال الاستهداف العسكري أو التفجير المباشر وعلى الجانب الآخر هناك الإرهاب الناعم الذي تمارسه الدول وبعض الأفراد من خلال دعم الإرهابيين اقتصاديًا وإعلاميًا ودبلوماسيًا وأكاديميًا من خلال الكتابات والبيانات الداعمة للإرهاب والمجموعات الإرهابية.
وحسب أرسلان فإن هناك عدد من الدوافع التي تدفع الأفراد إلى الانتماء للمنظمات الإرهابية الخطيرة والإجرامية، أهم هذه الدوافع هي:
ـ نظام التعليم: خاصة إذا كان نظام التعليم مُنغلقًا وغير شامل ويصب في مدح وتبجيل شخصية معينة أو نظام معين، مما يشكل أداة ضغط نفسية اجتماعية قاسية على الطلاب الذين يرون أن رأي عائلتهم ووسائل الإعلام وبعض الشخصيات المؤثرة تُعارض ما يذكر في نظام التعليم، وهذا ما يولد نقمة لدى العديد من الطلاب ويدفعهم إلى الانحراف لإيجاد بدائل لتغيير ليس نظام التعليم فقط بل النظام السياسي للدولة ككل.
ويعود السبب الأساسي في تولد شعور الحقد لدى البعض إلى شعوره بمحاولة نظام التعليم "باستعباده" واستعباد شخصيته وانجازته حصرًا لصالح شخص واحد أو نظام معين، وهذا ما يعود بالتأثير السلبي على عقيدة وفكر البعض، خاصة في ظل التطور التكنولوجي الضخم الذي أفسح للجميع الإلمام بالحقيقة وكافة العلوم، لذا هذا ما يدفعنا إلى نصيحة العديد من الدول إلى وضع منهج تعليمي موضوعي يركز على تخريج عقول نيرة وليس عقول تبجيلية مغلقة حول شخصية معينة أو نظام معين، لأن أنظمة التعليم من ذاك القبيل انتهت صلاحيتها ببروز التقدم التكنولوجي الضخم.
ـ الجهل: الجهل يختلف عن نظام التعليم، وينتشر الجهل عادة في الدول النامية، إذ من السهل جدًا السيطرة على عقول مواطنين تلك الدول لافتقارها لنظام تعليمي جيد ولضعف العدالة الاجتماعية والاقتصادية بداخلها وانسداد الفرص أمام مواطنيها.
ـ النظام الاقتصادي: كما ذكرنا الأنظمة الاقتصادية التي تنعدم بداخلها العدالة الاجتماعية وينتشر بها الفقر المدقع بين فئات واسعة من المجتمع، تشكل أرضية خصبة للجماعات الإرهابية التي يسهل عليها استقطاب العديد من الأفراد لصالحها ولصالح أعمالها الإرهابية.
ـ النظام السياسي: تنتشر في العديد من الأنظمة السياسية سياسات هنجعية وهمجية ودكتاتورية تسلب الأفراد حقوقها وحرياتها وكرامتها، وقد تعمل هذه الأنظمة على دعم التفرقة العنصرية، وهو ما يجعل العديد من الأفراد ينتمون إلى الجماعات الإرهابية المعارضة لتلك الأنظمة بغية الانتقام منها، وأكبر مثال على ذلك انضمام مئات الشاب الأوروبي إلى داعش منذ تأسيسها وحتى الآن.
ـ الايدولوجية: وهي آخر عنصر يدفع الأفراد إلى الانتماء للجماعات الإرهابية، وقد تكون هذه الإيدولوجية عرقية أو دينية، ولكن على الحالتين تتميز هذه الإيدولوجية بالتطرف وتبني الأساليب الغير إنسانية لتحقيق أهداف الجماعات التي تتبناها، وتجذب الايدولوجية الأشخاص الذين تولد لديهم حقد ديني أو عرقي على النظام السياسي.
وفي هذا الإطار، ما يفرق الإرهاب عن الثورة هو الأسلوب المستخدم لمقاومة الاضطهاد السياسي والاقتصادي والثقافي التي تستخدمه الأفراد المنتفضة لنيل الحقوق التي ترنو إليها.
ويشير المختصون في مجال القضايا الإرهابية إلى أن بعض الدول تتجه لدعم بعض الجماعات الإرهابية، من أجل استخدامها في تشكيل أداة ضغط على دول أخرى تتعارض معها في المصالح السياسية والاستراتيجية، مما يجعل تلك الدول تنعزل عن المجالات المتنافس عليها.
ويوضح الباحث في مجال قضايا الإرهاب "علي نهاد أوزجان"، في مقاله "تركيا، سوريا، الإرهاب"، أن دوافع التفجير الإرهابي الأخيرة تتمحور حول الإيدولوجية الدينية المتطرفة إذ يعتقد المنفذ للتفجير أن من يقتلهم كفار يستحقون القتل، وكما أن هناك استخدام واضح لبعض الدول للإرهاب لردع تركيا في بعض المجالات.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!