جلال سلمي - خاص ترك برس

في ظل الاقتصاد العولمي الذي تعيشه معظم الدول حول العالم والذي يتسم بالمنافسة الشديدة وتشارك عمليات الإنتاج، يصعب على أي دولة من دول العالم تغيير نظامها الاقتصادي الداخلي أوعلاقتها الاقتصادية مع دول الخارج إلا من خلال تغيير السياسة الخارجية التي تنتهجها في علاقتها مع الدول، وذلك لأن العلاقات الاقتصادية أصبحت المُحدّد الأساسي في العلاقات العامة بين الدول عبر العالم، بسبب انتهاء سياسات "الاكتفاء الذاتي" الاقتصادية وحلول محلها سياسات "الارتباط الاقتصادي" الاتحادي بين الدول في إطار العولمة، حسب ما يبين الباحث الاقتصادي التركي "صادق أنوي".

وتأتي تحليلات أنوي تلك في مقاله "القفزة النوعية للاقتصاد التركي" الذي نُشر في صحيفة "بوغون" بتاريخ 15 كانون الثاني/ يناير 2016، والذي يتحدث أنوي من خلاله عن النوعية التي استطاعت الحكومة التركية الوصول إليها في إطار سياستها الرامية إلى إحداث إصلاحات جذرية لتطوير وتنمية الاقتصاد التركي، ويشير أنوي إلى أن هناك العديد من الإصلاحات الاقتصادية الفردية/ اليومية والعامة "الخاصة بالسياسات الاقتصادية الحكومية" التي قامت بها الحكومة التركية منذ عام 2002 وحتى الآن والتي أضفت نوعية إيجابية ملموسة على النظام الاقتصادي التركي.

ووفقًا لما جاء في مقال أنوي، فإن الاصلاحات التي قامت بها الحكومة التركية لإحداث تغيرات جذرية في مجالها الاقتصادي، تُصنف على أنها سياسيات عولمية  ليبرالية جديدة، وتظهر سمات هذه السياسة من خلال التطبيقات التي اتخذتها الحكومة على الصعيدين الفردي والعام.

ويذكر أنوي أنه على الصعيد الفردي قامت الحكومة التركية منذ عام 2002 وحتى الآن بتطبيق عدد من السياسات التي ترفع من التنافسية والإنتاجية لدى المواطنين الأتراك كأفراد في ظل العولمة المسيطرة على عالمنا الحالي. هذه السياسات هي؛ تقديم الدعم لأصحاب المشاريع الريادية الجديدة ودعمهم اقتصاديًا واجتماعيًا لكي يتمكنوا من تطوير مشاريعهم بشكل نوعي يمكنهم من القدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية، ودعم أصحاب المشاريع القائمة في علميات التصدير من خلال رفع ضرائب القيمة المضافة عن بضائعهم المُصدرة وتحمل جميع تكاليف رحلاتهم التسويقية إلى بلدان الخارج، وتطوير القدرات الإنتاجية من خلال البحث والتطوير، وإقامة العديد من المعارض التسويقية، وتحديد الأجور المتدنية ورفع درجة الصرامة في محاربة العمالة الغير قانونية، والتركيز على تنمية القدرات التسويقية الفردية من خلال إقامة العديد من الدورات التدريبية للتسويق وتعلم اللغات الأجنبية المجانية لصالح المُسوقين والمروجين الأتراك لكي يتمكنوا من التواصل مع العالم الخارجي بشكل أفضل وغيرها العديد من التطبيقات الأخرى التي قامت بها الحكومة على الصعيد الفردي.

أما على الصعيد الكُلّي "الماكرو"، فينوه أنوي إلى أن الحكومة التركية عمدت إلى تنويع علاقاتها الاقتصادية مع العديد من الدول عبر العالم وعملت على فصل السياسة والقضايا السياسية عن العلاقات والمعملات التجارية، وتخفيض ضرائب الجمارك ورفعها مع بعض الدول، وتسهيل دخول المستثمرين ورجال الأعمال لتركيا وضمان حقهم في الاستثمار والتملك، وتأسيس عدد كبير من المجالس الاقتصادية بين تركيا وكل دولة على حده لمتابعة المعاملات الاقتصادية والحقوقية بشكل أفضل وبشكل أسرع، والمحافظة على سوق العملة نسبية، ومتموجة وشفافة وغيرها الكثير من الاصلاحات الاقتصادية العامة التي رفعت من نوعية الاقتصاد التركي وجعلته اقتصاد جاذب للعديد للاستثمارات الخارجية.

وبالاعتماد على أسلوب المقارنة ما بين الفترة التي استلمت بها حكومة حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم والفترة الحالية، نجد أنه بالفعل هناك قفزة نوعية في حجم الاقتصاد التركي.

تفيد الإحصاءات الخاصة بالاقتصاد التركي بأن الناتج المحلي الإجمالي لتركيا عام 2002، أي العام الذي تسلمت به حكومة حزب العدالة والتنمية الحكم، كان 232 مليار دولار والآن يقدر ب 819 مليار دولار، وهذه أبسط مقارنة يمكن الاستعانة بها لإظهار حجم النقلة النوعية الموجبة التي حظي بها الاقتصاد التركي في الفترة الأخيرة.

ومن جانبها، ترى الباحثة الاقتصادية "خديجة كاراهان"، في مقالها "تصدير الخدمات"، نُشرت في صحيفة "يني شفق"، أن خط السير العام للاقتصاد التركي، وإن كان متموجًا في بعض الأحيان نسبة إلى التغيرات الجارية في المنطقة، إلا أنه إيجابي وجيد، ولكن تركيا بحاجة إلى اقتصاد ابتكاري ابداعي، بمعنى اقتصاد يعتمد على إنتاج المواد التكنولوجية بعلامة مُسجلة  لفخر الصناعات التركية حصرًا. هذا المجال له فوائد طائلة على مجال الاقتصاد ولكن بحاجة إلى المزيد من الدعم الحكومي لاستنفاض الابتكارات الحديثة من لدن المواطنين الأتراك وغيرهم ولكن بدعم تركي وفي إطار إدارة تركيا.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!