جميل إرتم - صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس

قرر العالم رفع الحصار المفروض على إيران بصورة رسمية، وانخفض سعر برميل النفط إلى أدنى مستوى له منذ 12 عاما، ولا شك بأنّ هذا الأمر مر بمراحل عديدة، واستثمرت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ملف إيران طوال الأعوام الماضية أيما استثمار، ومع أنّ نتنياهو ذكر في مرات عديدة، بأنّ أكبر خطر يتهدد إسرائيل، ليس قيام دولة فلسطينية مستقلة، وإنما وجود إيران وحزب الله، لكن هذه الأحاديث كانت مجرد أداة للمحافظة على أسعار الطاقة وفق ما يريدون، وكانت حرب الخليج، ودعم أمريكا لصدام، ثم التخلص منه، مجرد خطوات لخطط بعيدة المدى، وكذلك كان وصول الخميني إلى سدة الحكم قادما من باريس، مجرد نتيجة حتمية للخطط الاستراتيجية، وطوال تلك المراحل، لم تستطع العراق ولا إيران، التحكم في الطاقة، ولذلك بقيت أسعار الطاقة مرتفعة.

تركيا روسيا وإيران

استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال وجودها العسكري، الحفاظ على هذا الوضع حتى عام 2008، لكنها لم تستطع الاستمرار بذلك بعد الأزمة الخانقة التي مرت بها في العام المذكور، وما نعيشه اليوم نحن، هو عبارة عن حرب تشاركية جديدة، حرب للمنافسة على خيرات المنطقة وتقسيمها، ولذلك لا يريدون لأي دولة في الشرق الأوسط أنْ تكون صاحبة قوة تؤثر في سوق الطاقة العالمي، وهذا ما يفسر الأمور الحاصلة بين إيران وروسيا وتركيا، فإيران اليوم بدأت بالانفتاح على العالم، وهذا بصورة حتمية سيحد من النفوذ التركي، ويتم هذا التنافس على الأراضي السورية، لأنّ سوريا هي بوابة البحر الأبيض المتوسط بالنسبة للطاقة، وطريق الحدود بين تركيا وسوريا أصبح يحمل أهمية استراتيجية في هذا المجال.

أمامنا خيار واحد

تسعى الأطراف إلى إغراق تركيا في شؤونها الداخلية من خلال تقديم الدعم لمنظمات مثل داعش ومثل حزب العمال الكردستاني لإشعال فتيل ما يشبه بالحرب الأهلية، ولا شك أنّ إبقاء تركيا على علاقات قوية مع نظام كردستان العراق، سيجعل تركيا صاحبة كلمة فيما يتعلق بممر الغاز الذي سيغذي أوروبا، ولهذا فإنّ الخيار الوحيد الذي تملكه تركيا اليوم، هو الاستمرار بطريقها في مواجهة العناصر الدولية التي تحاول السيطرة على المشهد بأكمله.

كما يتوجب علينا إعادة النظر في النظام الاقتصادي منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى اليوم، لأنّ منافسي تركيا في المنطقة، بنوا مؤسساتهم الاقتصادية على ركيزة الدولة، لكنهم يتصرفون بها من منطق المؤسسات الاقتصادية، وهذا الجانب فيه خلل كبير بالنسبة لتركيا، وعلينا إصلاحه وتعديله في أسرع وقت ممكن، حتى نستطيع الصمود في وجه الرياح التي تسعى إلى إزاحتنا عن المشهد.

عن الكاتب

جميل إرتم

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس