ياسين أكتاي – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

إن إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما بدء المرحلة الجديدة من الحرب ضد الإرهاب والتي صادفت الذكرى الثالثة عشر لأحداث 11 أيلول/ سبتمبر مع تسابق الدول الغربية وبعض الدول العربية للتحالف مع الولايات المتحدة الامريكية، يدل على أن حربا طويلة الأمد ستجري في منطقة الشرق الأوسط.

تسعى الولايات المتحدة الان إلى تشكيل تحالف يشكل فيه دول المنطقة الأغلبية العظمى من أجل الدخول في حرب طويلة الأمد لضرب قواعد تنظيم الدولة الإسلامية.

لقد قام كل من وزير الدفاع و وزير الخارجية الامريكية قبل عدة أيام بزيارة لدول المنطقة ومن بينها تركيا. حيث حاول الطرف الامريكي اقحام الاتراك والزج بهم في هذذ التحالف ضد تنظيم داعش. فمع إعلان الولايات المتحدة الامريكية لاستراتيجيتها العسكرية ضد التنظيم وتصريحها بانها لن تقدم على الاجتياح البري وبالنظر الى الامال الامريكية المعقودة على دول المنطقة وتركيا على وجه الخصوص، تتضح لنا تبعات وتكاليف هذا الحرب.

إن المحادثات التي تجريها الولايات المتحدة الامريكية مع دول المنطقة وتركيا فيما يخص الحملة العسكرية التي تجهز لها امريكا ضد الدولة الاسلامية، تذكرنا بالمحادثات التي جرت قبيل الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003. لكن الوضع مختلف الان. فالمحادثات التي جرت عام 2003 من اجل الاطاحة بالرئيس صدام حسين كان يشوبها الشكّ ولم يفصح الامريكان عن نواياهم الحقيقية إزاء الحملة العسكرية على العراق في تلك الفترة. اما الان فالجميع متفق على ان تنظيم الدولة الاسلامية تنظيم ارهابي وعلى الجميع ان يتكاتف لمنع انتشار هذا التنظيم الى مناطق اوسع.

مما لا شك فيه ان المتضرر الاكثر من انتشار تنظيم الدولة الاسلامية هي الدولة التركية. لذلك فإن التخلص من بلاء هذا التنظيم سيخدم مصالح تركيا اكثر من مصالح باقي دول المنطقة والعالم. ولذلك فإن الاتراك يتمنون اكثر من غيرهم انتهاء قوة هذا التنظيم. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في مدى جدية الدول المتحالفة لإزالة تنظيم الدولة. هل يريد التحالف القضاء على التنظيم فعلا، ام يحاولون تنفيذ مخططات اخرى بحجة محاربة التنظيم.

إذا أردت القضاء على أي تنظيم ارهابي يجب أن تتعرف على هذا التنظيم أولا ثم تقوم بدراسة وتحليل الاسباب والعوامل التي أدت إلى نشوئه. فالولايات المتحدة والدول المتحالفة معها لا تمتلك المعلومات الكافية عن هذا التنظيم.

قلتها مرارا واقولها الان، إن تنظيم الدولة الاسلامية ما هو إلا نتاج السياسات الوحشية التي يتبعها النظام السوري. فهذا النظام ظل يقتل الابرياء على مدى ثلاثة سنوات ولم يحرك المجتمع الدولي ساكنا. اما الان فإن بعض الفيديوهات التي نشرت من قبل هذا التنظيم حركت الشعور الانساني لدى المجتمع الدولي. إن هذا لأمر مثير للدهشة بالفعل.

لا شك بأن تنظيم الدولة الإسلامية يشكل تهديدا خطيرا ضد الدولة التركية. لكن ألا يكون من الحماقة شن هجمة عسكرية على تنظيم مجهول القوة مثل داعش؟ والأسوأ من هذا هو محاولات بعض الدول لإقحام تركيا في هذه المعركة وجعلها هدفا لمثل هذه التنظيمات على المدى البعيد.

إذا ما استمر الحكم الانقلابي في مصر واستمرت القيادات الديكتاتورية مثل بشار الأسد والمالكي في حكم سوريا والعراق، فإن البنية التحتية لمثل هذه التنظيمات لن تدمر أبدا. فلو تم القضاء على داعش خلال هذه الحملة العسكرية، فهناك العديد من التنظيمات المماثلة ستظهر بعد ذلك.

لو نظرنا إلى الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحملة ضد داعش، لوجدنا أن معظم الدول الخليجية تدعم هذا التحالف. مع العلم إن سياسات الدول الخليجية ساهمت في تشكيل تنظيم داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية. فسياسة الدول الخليجية المتبعة في مصر لم تلقَ أي اعتراض من الدول الغربية ولا من الولايات المتحدة.

الآن أود أن أسأل سؤالا بسيطا. هل كان عدد الذين قتلوا على يد تنظيم داعش أكثر من الذين قتلوا في ميدان رابعة العدوية يوم 14 آب/ أغسطس عام 2013؟

غريب أمر هؤلاء الذين يعدون الحملات العسكرية الضخمة لمحاربة تنظيم داعش ويتناسون الأبرياء الذين قتلوا في مصر والذين يقتلون كل يوم في سوريا تحت وطأة نيران النظام السوري. وإنه لسؤال محير بالفعل كيف غضوا النظر عن تلك الجرائم وهبوا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

تقوم تركيا بدراسة عميقة حيال موضوع الانضمام إلى هذا التحالف. كما تقوم بتحليلات دقيقة و تسعى إلى معرفة نتائج الخطوات التي ستخطيها بهذا الشأن. لذلك فهي لم تنضم عسكريا إلى هذا التحالف.

فهذا هو زعيم حزب الشعب الديمقراطي الذي لم نعتد أن نراه يدعم سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية، تراه الآن يؤيد انضمام تركيا الى هذا التحالف. حيث يقول انه سيدعم الحكومة إذا ارادت ان تشارك في التحالف ضد داعش. لكن لو اضطرت تركيا من خلال هذا الانضمام إلى مواجهة الأسد، هل سيستمر كلتشدار أوغلو في دعم انضمام تركيا إلى التحالف؟

سؤال أنتظر جوابه بشغف.     

عن الكاتب

ياسين أقطاي

قيادي في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس