نهاد علي أوزجان – صحيفة مليت – ترجمة وتحرير ترك برس
لقد أدرجت تركيا تنظيم الدولة الإسلامية على قائمة المنظمات الإرهابية عام 2013. وهذا يعني أن تركيا ستفي بواجباتها أمام المجتمع الدولي في هذا الشأن. لا سيما أن الرئيس رجب طيب أردوغان أعلن في قمة دول حلف شمال الأطلسي الذي عقد مؤخرا، أن تركيا ستقدم الدعم للتحالف ضد تنظيم داعش.
من جانبه يحاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما توسيع نطاق التحالف. كما يقوم في هذه الأونة بدراسة أنواع الدعم الذي سيقدمه كل دولة مشاركة في هذا التحالف.
إن ما يثير العجب، أن الدول المشاركة في التحالف لم تبدي أي اعتراض رسمي على استراتيجية تنفيذ الخطة العسكرية التي ستقتصر على توجيه ضربات جوية لتنظيم الدولة الإسلامية من دون تحديد فترة زمنية لهذه العملية. مع العلم أن هناك العديد من الانتقادات الغير رسمية لكيفية وآلية تنفيذ هذه الاستراتيجية.
المنطقة العازلة
لقد أعلنت تركيا قبيل مغادرة رئيس جمهوريتها إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الامم المتحدة، عن استراتيجية مختلفة للتعامل مع خطر تنظيم الدولة الإسلامية.
وتحتل سوريا أولويات الخطة التركية الجديدة التي سيعلن عنها الرئيس أردوغان بشكل رسمي في اجتماعات مجلس الأمم المتحدة. حيث ينص المقترح التركي على جعل بعض المناطق في سوريا، مناطق عازلة يحظر فيها الطيران.
مع العلم أن فكرة إقامة مناطق حظر الطيران في سوريا كانت قد وردت مع بداية الأحداث في هذه الدولة. لكن بسبب العقبات السياسية والحقوقية و العسكرية، تم إخراج هذه الفكرة من لائحة الحلول المطروحة للأزمة السورية.
لكن الوضع السياسي والعسكري الآن تغير كثيرا في سوريا. فهناك أكثر من ثلثي الشعب السوري في عداد اللاجئين، وبلغ عدد القتلى أكثر من 200 ألف شخص حسب الإحصائيات الرسمية، كما بدأت تظهر تنظيمات متطرفة مثل داعش وغيرها تقود البلاد إلى الفوضى والخراب. ففي ظل هذه الأوضاع تبقى فكرة إقامة منطقة عازلة أو منطقة حظر الطيران مرهونة بإزالة بعض العقبات.
أين ستكون المنطقة العازلة
في حال تبني المجتمع الدولي للاقتراح التركي، فإن هناك الكثير من الأسئلة التي ستطرح حول هذه الاستراتيجية. فمن البديهي أن نتسائل عن أماكن هذه المنطقة و مساحتها.
لا شك أن الخطة ستشمل المناطق القريبة من الحدود السورية مع الأردن وتركيا. لأن هذه المناطق لها خاصية دفاعية سهلة كما تتمتع بسهولة التنقل فيها وتستطيع القوات المتحالفة في هذه المناطق أن تقوم بالدفاع عن المدنيين عن طريق السلاح الجوي.
مما لا شك فيه أن الهدف الرئيسي من المقترح التركي، هو تأمين مناطق آمنة للمدنيين الذين تضرروا من الحرب الدائرة في سوريا. فالغاية الأساسية لتركيا، هو حماية المدنيين من القصف العشوائي لقوات النظام السوري من جهة، وإراحتهم من الممارسات الغير إنسانية لبعض الجماعات الإرهابية التي تتصرف بشكل غير مسؤول في المناطق التي تخضع لسيطرتهم.
الجانب القانوني
لكي يتمكن المجتمع الدولي من إنشاء المنطقة العازلة، لا بد من القضاء على منظومة الدفاع الجوي السورية والعناصر العاملة على الأرض. كما يجب القضاء بشكل كامل على القوة الجوية السورية التي فقدت الكثير من إمكانياتها خلال هذه المعركة.
وفي حال قبول المجتمع الدولي للخطة التركية، فإن عليها أن تتمركز في مكان ما، و تتخذ لقواتها قاعدة تدير من خلالها سير العمليات العسكرية.
من ناحية أخرى، فإن الجانب الحقوقي له أهمية كبيرة أيضا. فعلى الرغم من الحرب الدائر في سوريا منذ ثلاثة أعوام، إلا ان نظام الاسد لا يزال الممثل للدولة السورية لدى مجلس الأمن. و علينا أن لا ننسى بأن نظام الأسد يحظى بدعم روسي في مجلس الأمن وبدعم الإيرانيين على اعتبار أن إيران من الدول المؤثرة في هذه المنطقة. كما يجب أن لا ننسى الإجراءات القانونية المطلوبة من الحكومة التركية على الصعيد الداخلي في حال تم قبول هذا المقترح من قبل المجتمع الدولي.
هل ستكون المنطقة العازلة منطقة آمنة؟
المنطقة العازلة لها وظيفتان. وإذا ما نظرنا إلى التجارب السابقة، نستنتج أن إقامة المناطق العازلة لا تكون فقط من أجل حماية المدنيين. بل يتم إنشاء المناطق العازلة من أجل الأغراض العسكرية أيضا.
علينا أن لا ننسى أن المناطق العازلة ستكون بمثابة الملاذ الأمن للمعارضة المسلحة. وبالتالي سنكون بجوار المجموعات المسلحة التي لا تنضبط بضوابط الدولة على المدى البعيد.
إن المقترح التركي بإقامة المناطق العازلة سيجبر الرئيس أوباما إلى إعادة النظر في استراتيجيته. بل ربما يضطر إلى تغيير هذه الاستراتيجية في حال تبني المجتمع الدولي للخطة التركية.
من الممكن أن يبعث المقترح التركي القلق لدى بعض الدول الحليفة التي ترى أن إنقاذ العراق من خطر الدولة الإسلامية يندرج في أولويات التحالف، وبالتالي ربما يقومون باتهام تركيا بمحاولة عرقلة عمل التحالف أو يوعزون لتركيا ببدء إقامة المنطقة العازلة ثم يكفون عن التعاون معها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس