د. عادل سراج مرداد - ترك برس

اختتمت قبل أيام المناورات العسكرية (رعد الشمال) في القاعدة العسكرية بمدينة حفر الباطن بالمملكة العربية السعودية والتي استمرت (18) يوما برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله وحضور عدد من زعماء العالمين العربي والاسلامي.

وتعد هذه المناورات اكبر تمرين عسكري تشهده منطقة الشرق الأوسط منذ عاصفة الصحراء عام 1990/1991م وبمشاركة قوات (20) دولة عربية وإسلامية وذلك في اطار التحالف العسكري الإسلامي ضد الإرهاب الذي أعلنت المملكة عن تشكيله في شهر ديسمبر الماضي ويشمل (35) دولة عربية وإسلامية.

وقد بلغ عدد القوات العسكرية المشاركة (300) الف جندي ، و(300) طائرة و مئات الدبابات والقطع البحرية ، واستخدام احدث الأسلحة القتالية ووسائل الدعم العسكري. فأهداف هذه المناورات تتلخص في:

(1) رفع الجاهزية القتالية للجيوش العربية والإسلامية لمواجهة التحديات التي تهدد المنطقة ، وبما يحقق امنها واستقرارها وسلامة شعوبها ، (2) التدرب على التصدي للقوات غير النظامية والتنظيمات الإرهابية ومسلحيها بشكل فعال ، (3) اظهار تضامن الدول المشاركة في المناورات والتزامها واتفاقها فيما بينها بأمن واستقرار المنطقة ووقوفها مع قيادة المملكة العربية السعودية لحل ما تواجهه من تحديات بسواعد أبنائها وقدراتهم ، (4) تعزيز الثقة في قدرات القوات المشاركة في المناورات للدفاع عن شعوبها ضد احتمال أي هجوم من أي جهة كانت. ولا شك بان مناورات رعد الشمال هي رسالة واضحة ومدوية من كافة الدول المشاركة وتحذير لكل من يفكر العبث بالمنطقة ونشر الفوضى فيها بان دول المنطقة وشركائها من الدول الإسلامية قادرة على الحفاظ على امنها واستقرارها ، وابعاد كل يد آثمة تمتد الى شعوب هذه الدول بالأذى ونشر الفتنة والانشقاق والتشرذم بين أبنائه.

كما ان مناورات رعد الشمال بمثابة طوق النجاة للمنطقة لإعادة الأمور فيها الى نصابها الصحيح بعيدا عن اية املاءات خارجية او إقليمية ، اما تدخلا سياسيا في شؤونها او عسكريا عبر وكلاء لسلب سيادتها وقرارها من أبنائها ووضعهم تحت وصاية قوى إقليمية لا هم لها سوى الهيمنة والسيطرة على الشعوب والتدخل الصارخ في شؤونهم واخضاعهم وتدمير مقدراتهم وسلب ثرواتهم كما هو حاصل في بعض الدول العربية وذلك في انتهاك صارخ لكافة المواثيق والأعراف الإسلامية والدولية.

وكل ذلك يتم تحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي اصبح عاجزا عن قول الحق واتخاذ موقف صارم ورادع امام مثل هذه التدخلات.

واذا كان الإرهاب انتشر في بعض دول المنطقة بشكل غير مسبوق واصبح يهدد الامن والسلم الدوليين ، فان إرادة الامة الإسلامية تفرض علينا التعامل بكل حزم وقوة لمواجهة هذه الافة البغيضة والتصدي لكل من يغذي جذوتها سواء بالتمويل او بالدعم السياسي او العسكري. والمملكة العربية السعودية التي انطلقت منها الرسالة المحمدية والدين الإسلامي وبحكمة قيادتها المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد وسمو ولي ولي العهد ، آلت على نفسها بان لا تترك بابا الا وطرقته من اجل حشد الجهود وتكثيفها على كافة الأصعدة لمحاربة الإرهاب الذي لا يمثل خطرا على المنطقة بل على العالم اجمع. فمنذ انعقاد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في الرياض عام 2005م وحكومة المملكة لم تتوان عن دعم أي جهد في سبيل تخليص العالم من الإرهاب وشروره ، ولعل من أهم وابرز هذه الجهود هو تأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة التنظيمات الإرهابية والذي نرى ثماره في اختتام مناورات رعد الشمال.

ان الامة الإسلامية امام مرحلة تاريخية من عمرها ، مرحلة سيحكم علينا من خلالها ابناءنا واحفادنا ماذا فعلنا لأجل تأمين مستقبلهم؟ وكيف سنترك ذكرانا في عقولهم؟ ولماذا تركناهم في بحر الإرهاب يغرقون؟ ولماذا لم نقم بعمل فعال من اجل التصدي لمن يبث الطائفية والمذهبية والفتنة والانشقاق بين أبناء الامة الإسلامية؟

ولماذا تركنا ديننا الإسلامي الحنيف يختطف من قبل جماعات ودول لا هم لها سوى الاقتيات على جثث الشعوب وسلبهم أبنائهم واستخدامهم حطبا لإشعال حقدهم الدفين؟ اليس من المنطق ان نكف أيديهم عن التلاعب بمصيرنا؟ اليس من الضروي استعادة سماحة ديننا الإسلامي من ايدي هؤلاء الإرهابيين وتخليص امتنا من شرورهم؟ لقد حان الوقت لنعمل يدا واحدة وصفا متماسكا في وجه كل من يحاول ان يشق صف الامة الإسلامية ويخرج عن اجماعها ، ولتبقى هذه الامة خير امة اُخرجت للناس ، معتصمة بحبل الله ، متماسكة ، وان نكون كالجسد الواحد الذي اذا اشتكى منه عضو تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحمى.

عن الكاتب

د. عادل سراج مرداد

سفير المملكة العربية السعودية في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس