محمد عمر زيدان - خاص ترك برس

أصبحت سياسة مفضوحة للقاصي والداني أن بشار الأسد يسير على خطى أبيه المقبور حافظ الأسد، وهذه السياسة تتلخص بإبعاد المعارضين بطريقة واحدة لا ثاني لها ألا وهي القتل، فالقتل هو القاسم المشترك بين سياسة الأب بالأمس وسياسة الولد المعتوه اليوم ولا غرابة في ذالك وكما يقول المثل من شابه أباه فما ظلم ولا غرابة أيضا أن يتخصّل الولد بخصال والده دراكولا من حب القتل وسفك الدماء، وما العجيب في ذالك إذا علمنا أن بشار هذا الذي كان قد رضع من حليب عائلة الوحش قبل أن تصبح عائلة الأسد، ولا دهشة في أن يكون تصرف عائلة الوحش منسجماً مع تصرفات الوحوش الضارية التي عاشرتها هذه العائلة في مقامها الأول قبل انتقالها إلى حياة المدنية.

ففي ثمانينيات القرن الماضي قام الأب بارتكاب مجازر متعددة أهمها مجزرة حماه التي تجاوز عدد ضحاياها ما بين30 و40 ألف شهيد في 2شباط/ فبراير 1982 كما قام بارتكاب مجزرته المروعة والشهيرة بسجن تدمر المركزي في 27 تموز/ يوليو 1980 بحق مئات من السجناء والمعتقلين بحجة انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين ومحاولة هذه الجماعة اغتيال حافظ الأسد في 26 حزيران/ يونيو 1980 وطبعًا كالعادة كان هذا هو السبب المعلن وما خفي كان أعظم فقد كان مخططًا مسبقًا ومرسومًا بدقة  لتخلص النظام من معارضيه بسياسة الدفاع عن النفس والوطن، وقد تم  تصفية المعتقلين في سجن تدمر الذي فاق عددهم 1200 معتقل من كافة التوجهات الفكرية والنخب السياسية بما فيهم جماعة الإخوان المسلمين، وقد ارتكبت هذه المجزرة بصمت عربي وعالمي ولم ينطق أحد ببنت شفة دليل على إعطاء نظام الأسد الضوء الأخضر بقتل السوريين من ذالك الوقت.

واليوم تتكرر مأساة المعتقلين بسجن حماه المركزي حيث يتخوف المجتمع السوري بتكرر مجزرة سجن تدمر وارتكاب النظام مجزرة مماثلة لها اليوم في سجن حماة، وما المانع من التكرار ذلك إذا كان الابن يسير على خطا الأب وما المانع إذا كان المجتمع الدولي صامت يؤيد القتل وما المانع إذا كان الكل يصفق للجزار ويترحم على الضحية مسبقًا، فقد أعلن الأسد وأنصاره منذ اليوم الأول للحراك السلمي أنه لا وجود للمعارضة بكل أشكالها في سورية فإما الأسد أو نحرق البلد ولا وجود لدين التوحيد إلا دين آل الأسد، فلقن أتباعه المعتقلين كلمات الكفر (لا إله إلا بشار).

واليوم سجناء سجن حماة يستصرخون ضمائر العالم بإنقاذهم من مجزرة محتملة فالسجن الذي يضم أكثر من 1600 معتقل بينهم 800 من معتقلي الرأي بتهمة الإرهاب بدأ إضراب في 2 أيار/ مايو 2016 نتيجة سوء المعاملة وإجبار بعض المعتقلين على مغادرة زنزاناتهم لاقتيادهم إلى سجن صيدنايا حيث سينفذ فيهم حكم الإعدام وهذا ما رفضه المعتقلون من تسليم إخوانهم وقاموا بحجز عدد من عناصر الأمن والشرطة وبعض الضباط. وأفشل النظام كل المساعي والمفاوضات التي تمت بين السجناء من جهة ووفد النظام المتمثل بعدد من شبيحته من مشايخ حماه وتجارها وزج الأسد في الوفد بعض أهالي المعتقلين للضغط عليهم ، ولكن سياسة كسر العظم لم تجد نفعاً مع المعتقلين الذين بينوا منذ اللحظة الأولى شروطهم بالخروج من السجن تحت رعاية أممية.

ولكن النظام راوغ كعادته كما يراوغ الثعلب فقام بإخراج عدد من السجناء كبادرة حسن نية ولكنه رفض الرعاية الأممية مما يدل على عدم صدقه وجديّته، حتى إنه لم يوافق على إشراك الهلال الأحمر السوري والصليبي الأحمر مما يظهر على أنه هناك خطة مبيتة لتصفية السجناء.

والعجيب تجاهل الكثير من وسائل الإعلام العربية والعالمية هذا الحدث الجلل الذي ربما يودي بحياة المئات في طرفة عين وتكون معرة في جبين الإنسانية، وقد ظهر الإخوة المعتقلون من خلال الفيديوهات المسربة وهم يناشدون المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة وكافة الفعاليات والهيئات الحكومية وغير الحكومية بتبني قضيتهم في المحافل الدولية لا المحافل الماسونية ولفت انتباه  الرأي العام العالمي لعدالة مطالبهم حتى يكون من ضمن صفقات أممية تمنحهم حريتهم. ونحن نقول إذا لم يستجب المجتمع الدولي ويتحمل مسؤولياته فسيكون دماء هؤلاء الإخوة في رقبة هذا المجتمع ولا يكفى أن يتدخل المجتمع الدولي لحماية سجن حماه فحسب وإنما حماية كل السجون السورية وكافة المعتقلين والمغيبين قسريًا.

ولكن كما يقال لا يفل الحديد إلا الحديد وقد جربنا المفاوضات مع هذا النظام عدة مرات ولم ولن يَصْدُق في أي منها لأن هذا النظام لا عهد له ولا ميثاق لذالك يجب أن لا نعوّل على هذا المجتمع كثيرًا وإنما التعويل على أنفسنا وما بأيدنا من حلول ومن أوراق ضغط على هذا النظام وزبانيته. والحل الوحيد هو التعويل على فصائلنا المسلحة وإمطار الكانتونات الأسدية بكافة الأسلحة والمعدات الثقيلة سواء في ريف حماه أو ريف اللاذقية وهذا مما سيشكل ورقة ضغط من قاطني هذه المناطق على ولي نعمتهم فيقبل المفاوضات والمساومات وهو صاغر، وبقدر ما تكون الكثافة النيرانية أشد بقدر ما يكون التحرك العالمي والدولي أسرع باعتباره حامي الأقليات.

فكما طالب أتباع الأسد ومفتيه بحرق حلب عن بكرة أبيها نحن نطالب جيش الفتح بحرق الأخضر واليابس تحت أقدام هذا النظام ومرتزقته وأتباعه  فالعين بالعين والسن بالسن  فليس دماء أبنائهم وأعراض نسائهم هو أغلى من دماء أبنائنا وأعراض نسائنا ولا كرامة رجالهم هي أغلى من كرامة رجالنا فحيا الله كل فصيل يقصف ريفي حماه واللاذقية من أجل هؤلاء الرجال الذين ربما يكونوا عونًا لنا في تحرير سورية الموحدة.

وأخيرًا لا سامح الله كل إنسان قادر على مد يد العون لمعتقلي سوريا ولا يمدها ولا يسعنا نهاية إلى أن نقول أنقذوا معتقلي سجن حماة المركزي.

عن الكاتب

محمد عمر زيدان

أكاديمي سوري وأستاذ جامعي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس