محمد بارلاص – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

إنه من الصعب أن نقول أن الرئيس رجب طيب أردوغان كغيره من رؤساء الجمهورية السابقين كان محايدا، خاصة بعد أن استمعنا لخطابه الذي ألقاه بالأمس في مقر اجتماعات البرلمان التركي. فقد أظهر ميولا كبيرة في بعض المواضيع وأفصح بشكل شبه علني عن عدم حياديته.

لنتذكر معاً بعض المقتطفات من حديث أردوغان في البرلمان والتي أظهرت عدم حياديته.

- عدم مشروعية كل الوسائل التي تؤدي إلى تحديد جدول أعمال البرلمان وتعيين وازالة الحكومات إلا عن طريق صناديق الاقتراع.

- الشعب التركي شعب مميز، شعب لا يحتاج الى وصائيين أو أولياء أمور. وإن عهد من كان يقول بأن الشعب لا يعلم والشعب لا يفهم والشعب لايستطيع أن يتخذ قرارا، قد ولّى من دون عودة.

احترام السياسة

"يجب أن تتحلى السياسة بالشجاعة والإقدام مثل هذا الشعب العظيم. يجب أن تتغلب على كل الضغوط و آليات الوصاية التي تحاول عرقلتها. إن مقر البرلمان مكان لحل كافة الأزمات والمشاكل التي تعترض طريق تقدم هذا الشعب. كما أن أداة الحل هي السياسة. إن البحث عن حلول للمشاكل والأزمات خارج إطار السياسة والبرلمان، يعد إهانة وعدم احترام للإرادة الشعبية".

"إن السياسيين الذين يساندون ويدعمون الشبكات المسلحة التي ترتكب الجرائم، إنما ينكرون ذاتهم. هؤلاء السياسيون الذين يرمون جنود وحراس هذا الوطن والذين لا يتوانون عن تقديم أرواحهم من أجل حماية حدود هذا البلد بالحجارة، فانهم يحتقرون أنفسهم قبل كل شيء".

نستنتج مما سبق أن الرئيس رجب طيب أردوغان ليس محايدا. فإنه يقف ضد من يبحث عن السلطة والديمقراطية خارج إطار صناديق الاقتراع. وكذلك يقف ضد من يثير الشغب في الشوارع ويحاول أن يعبر عن تطلعاته عن طريق المظاهرات غير السلمية.

مناهضو عملية المصالحة الوطنية

لنتذكر بعض ما قاله أردوغان فيما يخص موضوع المصالحة الوطنية. حيث أظهر هنا أيضا عدم حياديته.

"إن الذين يقومون بأعمال من شأنها إعاقة عملية المصالحة الوطنية، لن تكون محاولاتهم مجدية ولن يضرّوا في نهاية المطاف إلّا أنفسهم. إن الوقوف في وجه عملية المصالحة يشبه الوقوف في وجه نهر هائج. إن الدم الذي سال هو دم شبابنا، وإن إيقاف هذا النزيف واجب على كل فرد وهيئة وعلى رأسها البرلمان".

"يريد الكيان الموازي أن يفسد العمل السياسي من خلال استخدامه لنفوذه الموجود داخل مؤسسات الدولة. ممارسات الكيان الموازي ما هي إلّا محاولة لفرض الوصاية البيروقراطية".

"على الرغم من النجاح الكبير الذي تحقق في الانتخابين الاخيرين. فقد حاولت بعض الأطراف إطالة عمر هذا الكيان وضخ الأوكسجين في شرايينه من خلال نشر أدلة ووثائق ملفقة وغير قانونية. فهذا الشيء يشكل تهديدا لسياستنا وأمننا القومي. فليعلم الجميع أن هذا الكيان لا يمتلك مبدأ ولا يعترف بالقوانين وهو فاقد للأخلاق ولا يعود بالنفع لأحد".

عند استماعكم لخطاب أردوغان الأخير أمام أعضاء البرلمان لعلكم ردّدتم ما قلته أنا أيضا "تغير منصب أردوغان، ولكن أردوغان لم يتغير".

باختصار: لن يترقب أردوغان الأحداث من المدرجات، ولن يحرص على عدم التدخل في كل شيء كي لا يقال عنه أنه غير محايد. فالواضح أن أردوغان سيتدخل بكل الأمور حتى لو قالوا عنه إنه رئيس غير محايد.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس