محمود القاعود - خاص ترك برس 

يُخطئ من يظن أن مسجد آيا صوفيا مجرد مكان للعبادة، صلى فيه المسلمون نحو خمسة قرون، قبل أن يُحوله مصطفي كمال أتاتورك إلى متحف، إنما هو رمز خطير يشهد علي انتصار المسلمين علي الصليبية العالمية، التى عاثت في الأرض فسادا واستبدادا قبل أن يدخل محمد الفاتح القسطنطينية (إسطنبول)، حاملا رسالة السلام والحُب والإخاء والمساواة عام 1453م، وعقب فرار الصليبيين أمام جيوش الفتح العظيم، أمر السلطان محمد الفاتح بتحويل الكاتدرائية إلى مسجد وبيت من بيوت الله "بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ".

إذا آيا صوفيا يتجاوز دوره في كونه أحد المساجد إلى منبر للمقاومة ووحدة المسلمين وسحق الصليبية العالمية التي ما فتئت تكيد للإسلام والمسلمين.

تعاقبت الحكومات العلمانية على تركيا، وجميعها أقرت القرار الصادر عام 1935م بتحويل آيا صوفيا لمتحف، يُهيل التراب فوق حقبة تاريخية هامة للمسلمين الفاتحين، كما تدخلت منظمات دولية وبعض الدولة الصليبية المتعصبة كاليونان، في تثبيت أن آيا صوفيا متحف، وتراث مسيحي لا يجوز الاقتراب منه!

مع قدوم حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا، تغيرت النظرة تجاه آيا صوفيا، تزامنا مع المد الإسلامي ولفظ الشعب للعلمانية الشوفينية، وصار الشعب التركي أكثر إصرارا علي استعادة المسجد السليب، فقامت تحركات جمعت ملايين التوقيعات لإعادة فتح المسجد، وأُقيمت العديد من الصلوات بجواره وأمامه، إلا أن الحدث اللافت هو ما جرى بشهر رمضان 2016م، حيث  أقامت رئاسة الشؤون الدينية التركية احتفالا خاصا لليلة القدر، بُث من آيا صوفيا، رفع في ختامه أذان الفجر بعد مرور نحو تسعين سنة.

لقد صارت كل الظروف مواتية لاعادة الصلاة في المسجد، لكن هذا التحول ينذر  بمواجهة مع الآلة الأمريكية الجبارة، التي تري في نفسها الحارس الأمين للصليبية العالمية، وهو ما يدفع الساسة الأتراك للتدقيق في هذا الأمر والاستعداد للحملات الصليبية الهوجاء التي تستغل كل شاردة وواردة لتفخيخ الأوضاع في تركيا.

إن المكاسب المعنوية لفتح أبواب آيا صوفيا أمام جماهير المصلين، لا حصر لها. ليس في تركيا فحسب، وإنما في عموم العالم الإسلامي، وهو ما نحتاج إليه في زمن الهزائم المتلاحقة.

عن الكاتب

محمود القاعود

صحفي وروائي مصري وعضو اتحاد الصحفيين العرب


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس