محمود القاعود - خاص ترك برس

معركة الأمة مع الأعداء ، معركة أيديولوجية في المقام الأول، وأي محاولة لاختزالها وحصرها في بضعة خلافات سياسية تعتبر جناية وخيانة للإسلام. كما أن أي سياسة تخرج عن الخط الذي رسمه القرآن الكريم للناس، مصيرها الفشل والسقوط.

يقول الله تعالى: "وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ"، ولا مجال لتأويل النص بشكل مغاير أو استنطاقه بما ليس فيه.

لذا فإن الأعداء يستهدفون بشكل رئيس، عقيدة الأمة ولا يكلون ولا يملون من الغزو الفكري، والطعن في مقدسات المسلمين، للسيطرة عليهم ونهب ثرواتهم واستعبادهم وتنفيذ المشروع الصليبي الكولونيالي الرهيب، وتعد تركيا ساحة خصبة للاستهداف من قِبل الأعداء الذين يريدون تفكيكها وتركيعها وسلخها عن دينها وهويتها وماضيها، والأخطر نزعها من محيطها العربي والإسلامي، لإفقادها الحاضنة الشعبية التى تعد بمثابة الحصن الكبير لتركيا والشعب التركي.

استطاعت تركيا منذ تولي حزب العدالة والتنمية مسؤولية البلاد أن تكوّن حاضنة شعبية عظمى توجد بالأقطار الإسلامية، وهي بمثابة قوة دعم معنوية هائلة سمحت لتركيا أن تستقل في القرار وتتماهي مع آلام وهموم الأمة من فلسطين مرورا بسوريا وحتى بورما، لدرجة أن المسلمين يتابعون الانتخابات التركية وكأنها تجري في بلادهم، ويتأثرون بأي حدث يقع في تركيا.

ولأن تركيا الدولة الوحيدة التي صمدت في وجه العاصفة الصليبية العاتية – حتى هذه اللحظة – فإنه من المُحتّم أن يتم استهدافها في أهم ما تملك... الحاضنة الشعبية.

ويبدو سيناريو الاستهداف من خلال الوعود الزائفة بضم تركيا للاتحاد الأوروبي، مقابل أن تحقق تركيا شروط الاتحاد المصادمة للهوية الإسلامية والمنعزلة عن المحيط العربي والإسلامي لإشاعة جو من السخط تفقد معه تركيا حاضنتها الشعبية، ومن ثم يسهل افتراسها من قبل الفاشية الصليبية العالمية.

وبالنظر للحوادث الأخيرة نلحظ نبرة السخط لدي العديد من العرب والمسلمين بسبب فرض الحكومة التركية الفيزا علي السوريين الذين يتعرضون لابادة جماعية علي يد موظف الاستخبارات الأمريكية بشار الأسد، وهناك العديد من القصص المأساوية لسوريين لا يستطيعون الدخول لتركيا بسبب الفيزا. بالطبع لا يمكن لعاقل أن ينكر الوقفة التاريخية لتركيا واحتضانها ملايين اللاجئين السوريين ومساعدتهم ماديا ومعنويا. كما لا ننكر حق تركيا في تأمين البلاد خاصة مع زيادة حوادث الإرهاب الأعمي التى يقودها حزب العمال الكردستانى الإجرامي. لكن قرار فرض الفيزا علي السوريين أشبه بإفساد الطعام من أجل قليل من الملح، كما يقول المثل.

أيضا تصدير موظفين بالقنصليات والسفارات التركية في الدول العربية، لا يتمتعون باللياقة ولا بالحس المطلوب للتعامل مع الناس، ومعظم هؤلاء الموظفين سواء أتراك أو من حاملي جنسيات الدول التى توجد بها السفارات والقنصليات، يكرهون حزب العدالة والتنمية، ويشكلون دعاية سوداء ضد الرئيس أردوغان، وهو ما يتطلب تدخلا عاجلًا لتطهير السفارات التركية من كل الموظفين المعادين والكارهين لنهضة تركيا الحديثة حتى يعود وجه تركيا الحضاري وحتى لا تفقد تركيا حاضنتها الشعبية من خلال تصرفات تضر أكثر مما تنفع.

عن الكاتب

محمود القاعود

صحفي وروائي مصري وعضو اتحاد الصحفيين العرب


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس