أمين بازارجي – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

في البداية لو نظرنا إلى هذه المجموعة الانقلابية في قوات الجيش لوجدنا بأنها لا تتجاوز نسبة 1,5 بالمئة، ولو أضفنا من عندنا وقرّبناها لـ2 بالمئة في إجمالي نسبة تواجدهم في كل أنحاء الوطن، لعلمنا حينها مدى حقارة ونذالة هذه المجموعة الصغيرة إذ تُسوّل لها نفسها الخبيثة اغتصاب حق الشعب والأرض في تركيا الحبيبة.

لو نجح انقلاب 51 تموز/ يوليو لرأينا هذه الزمرة الخبيثة وهي تأسر وتقتل وتبطش في كل الشعب بلا تمييز أو تفريق، لو نجح انقلاب هؤلاء الأنجاس لقاموا بعمليتهم الضخمة في ذبح الديمقراطية بداية بالأحزاب والمجالس البلدية والمؤسسات وحتى حق الانتخاب والقانون الأساسي.

كل هذا كان سيتم بتوجيه الرأس العفنة هناك في الولايات المتحدة الأمريكية ببنسلفانيا، ولو نجح الانقلاب لأتى هذا الزنديق من على أظهر دبابات الانقلابيين إلى أنقرة حتى يكمل خطته والأوامر الغربية الموكلة له.

لنفهم حقيقة ما يحصل هنا يجب أن نبحث عن أصداء وداعمي فتح الله غولن، ولنتمكن من تقييم فتح الله غولن بشكل صحيح يجب أن نفهم هؤلاء الأصدقاء والداعمين.

في 12 أيلول/ سبتمبر من عام 1980 وبعد نجاح الانقلاب هنا في تركيا خرجت أمريكا وقالت "نجح أطفالنا في مهمتهم"، أعلن غولن دعمه للانقلاب ولمواقف الانقلابيين، ثم بدأ على إثر ذلك عملية واسعة لاختراق المؤسسة العسكرية والمؤسسات الحكومية الأخرى.

على نفس اللحن وفي ليلة مظلمة أخرى في تاريخنا المعاصر خرجت "جماعة الخدمة، جماعة فتح الله غولن" وأيدت ما حصل في 28 شباط/ فبراير. كذلك قام فتح الله غولن بتأييد مطالبة ضباط الناتو بإبعاد "أربكان المسلم". وفي ظل كل هذا خرجت الكثير من التقارير الاستخبارية تفيد بأن كل هذه الأفعال التي يقوم بها غولن إنما هي كانت بأوامر وتحريك الاستخبارات الأمريكية، ومن إقامته في الولايات المتحدة الأمريكية نعرف أيضا أن أمريكا وواشنطن تدعمانه، الأمر الذي يدل على أنها لن تقوم بتسليمه حتى لو تم إثبات تورطه في الانقلاب.

سوابق أمريكا في كل هذا الخراب والطوام كثيرة، وما العراق عنا ببعيد، فأمريكا وباسم نشر الديمقراطية والحرية جاءت إلى العراق فحولته إلى بركة دماء وأشلاء، فلا تجد اليوم مكانا في بغداد لم يحصل فيه تفجير، كما ستجد في المقابل أن أعداد الأرامل تجاوزت 3 ملايين.

أما الأدهى من ذلك فهو سياساتها الحمقاء الغبية في تأييد القتلة من أمثال المالكي وغيره الكثير من الطائفيين والقتلة الدمويين؛ الأمر الذي تمخض لنا عن وحش داعش... أين هي ديمقراطية أمريكا وحريتها التي جلبتها للعرا؟ لا، لم تجلب أمريكا للعراق سوى الدماء والطائفية والكره، كما لم تجلب من بعد ذلك أيضا إلا الوبال لمصر وأهلها عندما أيدت الانقلابيين الملطخة أيديهم بكل دم شريف، ألم تكن هي أمريكا التي خططت ودعمت انقلابيي مصر؟

أمريكا اليوم في امتحان آخر... وعلى أمريكا اليوم ترك طريق ضلالها القديم بعد فشل انقلابها الأخير هنا، لأنها إذا استمرت على ما هي عليه من ضلال ستزيد من غضبنا وغضب كل الشارع التركي، كما ستفقد شريكتها تركيا أهم دولة في المنطقة. لكنها إن أرادت غير ذلك فسيكون عليها إعادة النظر في سياساتها وسيتحتم عليها تسليم المجرم غولن... ستخوض أمريكا انتخابات قريبة وأتمنى أن تكون سياسات واشنطن بعد الانتخابات على توافق مع أنقرة لا مع شلة المجرمين إن أرادت حقا أن تكسب في معركتها السياسية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس