ترك برس

أشار ريتشارد فولك أستاذ القانون الدولي في جامعة برينستون إلى أن لقاء الولايات المتحدة وتركيا في قمة العشرين المنعقدة في الصين، تخلل تعبير الرئيس الأمريكي أوباما عن حزنه الشديد لما أصاب تركيا بتاريخ 15 تموز/ يوليو، واصفًا محاولة الانقلاب "بالمحاولة المُرعبة"، وهذه الجملة بلا ريب نالت إعجاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي انتظر من أمريكا مثل هذه التصريحات.

أشار فولك إلى أن تعبير أوباما عن انذهاله وإعجابه الشديدين من نزول الشعب التركي إلى الشارع ودفاعه عن حكومته المنتخبة حمل في طياته روح التكاتف الأمريكي التركي، ولكنه لم يرقَ إلى ما هو أكثر ذلك.

وأوضح فولك أن التصريحات الأمريكية غيرت فحواها نتيجة للنجاح الباهر الذي حققه الشعب التركي في إبقائه حكومته الشرعية على رأس عملها، مبينًا أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري دعا إلى "الاستقرار والسلام والأمن في تركيا"، وهذا يعني أن أمريكا اكتفت بالوقوف على الحياد دون دعم الجيش أو الحكومة، واتبعت بذلك أسلوب "انتظر ثم قيّم"، ولكن بفعل الإرادة الجبارة للشعب التركي الذي نجح في حماية حكومته، عادت أمريكا للتصريح بدعم الحكومة التركية المنتخبة بشكل واضح.

ورأى فولك أن لقاء أوباما مع أردوغان وجهًا لوجه لأول مرة منذ محاولة الانقلاب، وتعبيره عن سعادته لبقاء أردوغان على رأس عمله ساهم في تجديد روح العلاقات، لكن هذه الروح الجديدة لم تُسهم في توصل الطرفين إلى حل للمشاكل التي سببت التوتر بين الطرفين.

وفي مقاله بصحيفة خبر ترك "انفراج احتياطي في العلاقات الأمريكية التركية" رأى فولك أن الطرفين أظهرا اختلافهما في تقييم الأمور في حديثهم أثناء اللقاء، إذ أشار أوباما إلى ضرورة محاربة داعش، بينما شدد أردوغان على ضرورة محاربة كافة المنظمات الإرهابية بلا استثناء، ولا شك في أن أردوغان يُشير في تصريحاته إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المدعوم من قبل أمريكا، وهنا أظهر الطرفان تعنتًا.

وتوقع فولك أن تقبل الولايات المتحدة الرؤية التركية للقضاء على دولة الحكم الذاتي الكردية في شمال سوريا، موضحًا أن العلاقات الأمريكية التركية استراتيجية وتحمل أهمية أكبر من أهمية دعم أمريكا لحزب الاتحاد الديمقراطي، فأمريكا لا تود الاستمرار في دفع تركيا للتحرك مع روسيا دون التوافق معها لأن في ذلك خسارة أكيدة لها في سوريا، فهي الدولة الوحيدة التي تدعم فكرة إنشاء الدولة الكردية، بينما يرفضها الآخرون.

وأشار فولك إلى أن تركيا لم تتوافق مع طلبات الولايات المتحدة بخصوص الإرهابيين والتعاون الاستخباراتي بعد تفجيرات 11 أيلول/ سبتمبر، ولو تعنتت تركيا لاستخدمت الولايات المتحدة كافة الوسائل لمحاربتها سياسيًا وإعلاميًا، ولكننا نرى اليوم أمريكا تتعنت وتشترط في تسليم غولن، دون الاعتبار لاتفاقية إعادة المجرمين والأعراف الدولية الأخرى الخاصة بالأمر.

وبحسب فولك، فإن لقاء الطرفين في الصين لم يتمخض عن إجابة شافية لتساؤلات عدة أهمها: هل سيعود الطرفان للعمل بجد وتناغم تام في محاربة الإرهاب أم سيظل كلٌ يغني على هواه؟

قد يحدث تغيّر إيجابي في مسار العلاقات التركية الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، يقول فولك إن التغيّر السلبي ممكنٌ أيضًا، ولكن في ضوء اتساع الهواة في العلاقات بين الطرفين وفي ظل إثبات الحكومة التركية قوتها أمام جميع التحديات، فإن أمريكا ستضطر إلى التغيّر الإيجابي.

وفي تعليق على تصريحات النائب عن حزب الشعب الجمهوري أوغوز كان ساليجا الذي أكّد في تصريحات مسبقة، أن 90% من الشعب التركي يريد من أمريكا تسليم غولن، يوضح فولك أن أمريكا أمام مطلب حكومي وشعبي، ولن تُقبل منها أي أعذار إذا رفضت تسليم غولن الذي أحدث بتهوره جروحًا لم تلتئم بعد، وهذا ما سيضر بالعلاقات المشتركة كثيرًا، ففي ضوء التقارب الروسي التركي ستحرص أمريكا  على عدم تدهور علاقاتها مع تركيا لأكثر من ذلك.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!