عبد الله مراد أوغلو  – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

في البداية لو طُرح هذا السؤال على أي شخص فإنه سيجيب بأن دعم أمريكا لوحدات حماية الشعب الكردي إنما هو فقط من أجل دحر وتحجيم تنظيم داعش، لكن الحقيقة غير ذلك تماما، فأمريكا تستخدم وحدات حماية الشعب الكردي كأداة في تقسيم المنطقة، كما وتستخدمهم من أجل الممر إلى البحر الأبيض المتوسط، فبعدما كانت تصرح في بدايات الربيع العربي بأنها لن تقبل بأقل من تنحية الأسد، باتت اليوم تعمل وبكل منظومتها السياسية والعسكرية من أجل دعم وحدات حماية الشعب الكردي، وتستخدم في ذلك تنظيم داعش وحرب الإرهاب كغطاء لأجنداتها الخاصة.

يمتد الممر الذي تريده الإدارة الأمريكية من جنوب غرب إيران إلى شرق البحر الأبيض المتوسط عبر شمال العراق وسوريا وجنوب تركيا، أما حقيقة هذه النوايا فقد ظهرت بإشارات كثيرة متعاقبة للسياسات الأمريكية، ومن أجل تنفيذ هذا المخطط الصعب يجب أن تتحقق اللوازم والمتطلبات المناسبة؛ فهم بحاجة لوقت وأرض وسكان وقوات عسكرية تحافظ عليه، ولأن هذا المخطط يستهدف إيران وتركيا وسوريا والعراق فإن أمريكا تعمد إلى إغراق هذه الدول بمشاكل تُلهيهم وتنسيهم واقعهم وسؤالهم المهم، فتغرقهم بالمشاكل الاقتصادية والأزمات السياسية والعسكرية حتى يضعفوا في جبهتهم الداخلية والخارجية، وما محاولة انقلاب تنظيم فتح الله غولن الأخيرة إلا مثال حي آخر على ذلك.

بعد احتلال أمريكا للعراق وقبل خروجها منه قامت بتقسيمه لثلاث دويلات ما تزال إلى اليوم تتنازع فيما بينها، كذلك الحال في سوريا اليوم، فالأطراف المختلفة تتنازع فيما بينها وأمريكا تغذي هذا التنازع على السلطة والأرض بدعمها لوحدات حماية الشعب الكردي باسم محاربة تنظيم داعش. عندما قدمت تركيا اعتراضاتها بين يدي أمريكا بشأن التقدم الكردي في مناطق غرب الفرات، ردت أمريكا وقالت إنها لا تقبل هذا الخرق وإنها مع الإرادة التركية، لكننا لا نصدق ردهم هذا، لأن وحدات الشعب الكردي ما تزال متواجدة في مناطق غرب الفرات ولكن بقبعات أخرى سموها بجيش سوريا الديمقراطي حتى يخدعونا، وما تزال تلك القبعات تحفر طريقها نحو الغرب، فكيف سيخدعوننا بأكاذيبهم تلك؟

تستخدم الولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني في تركيا ونظيره في إيران ووحدات حماية الشعب الكردي في سوريا كأدوات من اجل تنفيذ مشروعها في المنطقة، اختلفت الأسماء والهدف واحد، إما من أجل تمرير مخططها في غرب الفرات فهي تستخدم جيش سوريا الديمقراطي "قبعة جديدة لنفس الرجل". عندما سُئل السفير الأمريكي في أنقرة جون باس عن موقف أمريكا تجاه القلق التركي قال "إن أمريكا لا تؤيد ولا تدعم أي مشاريع كردية انفصالية". في قصة ورواية إنجليزية مشهورة تحدث الراوي عن موقف مشابه لما نعيشه ووصف ذلك فقال "هو نفس الرجل ولكن بقبعات مختلفة"، نعم هذا ما يحصل في سوريا ومن لم يستطع رؤية كل هذه الحقائق فهو إما أنه أحمق أو أعمى.

عن الكاتب

عبد الله مراد أوغلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس