حسين يايمان صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

عاشت تركيا في الأيام الأخيرة اضطرابات واسعة، وتعرضت عملية السلام لاختبار حقيقي، لكن تم تجاوزه بنجاح دبلوماسي جديد. فما عشناه مؤخرا منبعه قلة الثقة بين الحكومة التركية والسياسيين الأكراد، والآن علينا إنهاء هذه الأزمة والبدء ببناء الثقة وجسر الهوة من جديد.

كانت السنوات الماضية صعبة للغاية على تركيا، فقد دفعت الدولة ثمنا باهظا، بمقتل 40 ألف مواطن تركي، وبخسائر مادية باهظة تقدر بـ 350 مليار دولار، وقد أخلي 3 آلاف و500 منزل، واقتُرِفت ما يزيد عن 5 آلاف جريمة لم يُعرف مرتكبوها.

لماذا لم تنجح حتى الآن الجهود المبذولة لتحقيق السلام؟

منذ ثلاثين عاما، بقيت القضية الكردية-التركية تسلك طريقا ما بين نزاع-مفاوضات-نزاع، لكن المفاوضات الجدية بدأت فعليا في عام 1993 عن طريق رئيس الجمهورية "تورغوت أوزال". ومع موت أوزال المريب، وما لحقه من استشهاد 33 مواطن تركي في مدينة "بينكل"، توقفت المفاوضات مجددا. ومع أن وفاة أوزال كانت نقطة تحول مفصلية، إلا أن كلا الطرفين، الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني (بي كا كا) لم يكونا جاهزين لتحقيق السلام آنذاك.

كان يعتقد حزب العمال الكردستاني أنه سيهزم الدولة بالقوة العسكرية، والدولة كانت تعتقد أنها ستنهي الحزب (بي كا كا) باستخدام العنف والشدة، وتفكير كل منهما بهذه الطريقة أدى إلى إراقة المزيد من الدماء.

منذ زمن طويل عقدت جلسات (محادثات/حوار/مفاوضات) بين "بي كا كا" والدولة التركية، يمكن تلخيصها على شكل نقاط كالتالي :

1-   مبادرة "تورغوت أوزال" عام 1993.

2-   حوار "حكمت جتين" في آذار/مارس 1995.

3-   تجربة "نجم الدين أربكان" عام 1996.

4-   حكومة "أجاويد" ومبادرة "أتيللا أوغور" في شباط/فبراير 1999.

5-   تجربة "شفيق" في تموز/يوليو عام 1999.

6-   مبادرة "إمره تانر" في الأعوام ما بين 2005-2009.

7-   الانفتاح الديمقراطي في آذار/مارس 2009.

8-   عملية أوسلو في نيسان/إبريل 2010.

9-   عملية السلام في كانون ثاني/يناير عام 2013.

الحرب الأخيرة والتفاوض الأخير...

بعد ثلاثين عاما من البحث عن السلام، لم يتحقق ذلك بسبب مشاكل "الثقة-التوقيت-والتراشق الإعلامي". قام حزب العمال الكردستاني بإلغاء عملية أوسلو من خلال "حربه الثورية"، والتي قيل عنها الحرب الأخيرة، وبدأت بعدها إجراءات عملية السلام. ومن المفترض أن تكون هذه المفاوضات هي الأخيرة أيضا قبل تحقيق السلام.

كانت المشاكل الأساسية التي تعيق عملية السلام تتمثل بالتراشق الإعلامي وكذلك بأزمة الثقة بين الطرفين، أما اليوم فقد أضيفت مشكلة ثالثة تتعلق بالتوقيت، فبينما أراد "أوجلان" وقادة الأكراد في جبل قنديل تسريع خطوات عملية السلام، أرادت الحكومة التركية أن تتصرف بصورة عقلانية وحذرة. ولا شك أن أحداث عين العرب "كوباني" الأخيرة قد أدت إلى انعدام الثقة مجددا بين الطرفين.

ستُعطى الوفود فرصة جديدة

لقد قمت بسؤال مساعد رئيس الوزراء "يالتشين أكدوغان" عن الخطوات اللاحقة التي ستتخذها الحكومة في هذا الشأن، والذي قال "إن الحكومة عازمة على تحقيق عملية السلام"، وقال "إنه ببدء أعمال الحكومة الجديدة انطلقت مرحلة جديدة لعملية السلام مع الأكراد".

"أكدوغان" والذي اشتهر عنه برجل الأزمات الصعبة، أوضح أن "الحكومة ستراجع طريقة التعامل مع المسألة الكردية"، وأنها "ستقوم بخطوات جديدة ومهام جديدة خلال المرحلة القادمة".

وأشار "أكدوغان" إلى أنّ "الحكومة بدأت فعليا باتخاذ خطوات جديدة تتلاءم وخارطة الطريق الجديدة التي وضعتها"، موضحا أنّ "حزب العمال الكردستاني بي كا كا يريد استخدام الأحداث في كوباني لتعطيل عملية السلام، وهذا ما ترفضه الحكومة".

ورفض "أكدوغان" الحديث بمزيد من التفاصيل، إلا أنه ذكر أن الحكومة التركية قد اجتمعت لتشكيل وفد جديد لعملية التفاوض، بهدف تسريع عملية السلام، وفي هذه الأثناء عاد وفد التفاوض الكردي ممثلا بحزب الشعوب الديمقراطي إلى قائدهم "أوجلان" من أجل اتخاذ القرارات المناسبة، وهذا يدل على أنّ الأمور تسير بالاتجاه الصحيح، وأنّنا سنسمع أخبارا جيدة خلال الأيام المقبلة.

عن الكاتب

حسين يايمان

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس