جلال سلمي - خاص ترك برس

بدأت قبل أيام، تحديدًا في 10 كانون الثاني/ يناير 2016، مراسم الاجتماع النهائي للأطراف المعنية بالقضية القبرصية في جنيف، بعد 3 سنوات من عملية مفاوضات مكثفة، ويُتوقع أن تُجرى المفاوضات على مستوى رفيع يشمل انضمام رئيس الوزراء اليوناني تسيبراس والرئيس التركي أردوغان.

تتم عمليات التفاوض في المؤتمر على مستوى دبلوماسي رفيع يتضمن انضمام رئيس الجمهورية القبرصية التركية مصطفى أكينجي، ورئيس الجمهورية القبرصية اليونانية نيكوس أناستاسيديس، ومن المرتقب انضمام الدول الضامنة للمسألة القبرصية ـ تركيا، واليونان، وبريطانيا، إلى المؤتمر بتاريخ 12 يناير 2016.

وتتمحور عملية المفاوضات المتواصلة منذ شباط/ فبراير 2014، حول مواضيع أساسية هي: الاتحاد الأوروبي، والأنشطة الاقتصادية، والأمن والدول الضامنة، والتقسيم الإداري. يطالب الطرف التركي بالحصول على 29.2% من مساحة الجزيرة، ويطالب بأن يصبح اسم تلك المساحة "الدولة التركية الفيدرالية"، وعلى صعيد آخر، يطالب القسم اليوناني بتخفيض تلك النسبة، وتشكل نسبة التقسيم الإداري الموضوع المحوري للمفاوضات التي يُتوقع أن يتم حسمها في المؤتمر.

وتقترح اليونان مع قبرص اليونانية رفع الوصاية عن الجزيرة، أما الطرف التركي فيرى موضوع الوصاية التركية غير خاضع بأي شكل من الأشكال للمناقشة، ويقترح استمرار وجود الدول الضامنة في قبرص حتى عام 2032، وفي حين مرت هذه الفترة بدون أي مشكلة تّذكر، يُعاد طرح موضوع الدول الضامنة على الطاولة، مؤكّدًا أنه لا يمكن القبول بانسحاب الدول الضامنة دون تجربة مدى إمكانية عيش الطرفين بدون مشاكل.

وتنعقد المفاوضات بمباركة وانضمام مباشر من الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس، وتُعد مشاركة الأمم المتحدة في عملية المفاوضات هي الأولى منذ عام 2004، حيث سعى الأمين العام السابق عنان لحل الأزمة عبر ما بات يعرف بـ"خطة عنان"، ولكن لم تسِر الاجتماعات التي تمت حينها في بورجانستوك السويسرية على هذا النحو، إذ انضمت الدول الأعضاء ولكنها لم تتفاوض بشكل مباشر، بل بواسطة الأمين العام، إلا أن المفاوضات ستكون مباشرة هذه المرة، وهو ما يحمل في طياته بريق أمل لإمكانية توصل الأطراف المعنية إلى حل نهائي.

ويُتوقع أن تساهم أطراف أوروبية دبلوماسية في الانضمام إلى المؤتمر، لتشكيل عنصر مقنع للأطراف المفاوضة للتوصل إلى حل، إلا أن الأطراف الأوروبية الدبلوماسية التي تعارض رغبة الطرف التركي في استمرار مهمة الدول الضامنة حتى عام 2032، لن تكون مشاركة في المؤتمر، بل ستنضم إليه في حال استدعائها من قبل الأطراف المفاوضة.

وأشار أحد الدبلوماسيين الأوروبيين المتابعين لقضية قبرص منذ خمس سنوات، في تصريح لموقع الجزيرة ترك، إلى أن أي دولة تقع في إطار الاتحاد الأوروبي لا تحتاج إلى وصاية دولية، موضحًا أن الاتحاد الأوروبي يمكن له أن يجد للطرفين صيغة تكفل لهما الأمن والاستقرار.

وكشفت بعض التصريحات النقاب عن أن روسيا أبدت رغبة شديدة للانضمام إلى المؤتمر، وقد تمت الاستجابة لهذه الرغبة غير المصرح بها بشكل واضح، من خلال تخصيص مقاعد تحمل الصفة ذاتها التي يحملها مقعد الاتحاد الأوروبي، لممثلي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، كما سينضم إلى المفاوضات قادة الأحزاب السياسية في كل من اليونان وتركيا.

وتتمتع روسيا، ذات السيطرة العسكرية الواضحة في حوض شرق البحر المتوسط والعلاقة الجيدة مع قبرص اليونانية واليونان، بنفوذ دبلوماسي واقتصادي واضح على الطرفين، وهذا ما قد يفسر رغبة روسيا الشديدة في انضمام أعضاء مجلس الأمن الدائمين إلى المؤتمر، حيث على ما يبدو أرادت أن تُبقي على مصالحها من خلال التأثير في مسار الحل، إلا أن رفض قبرص التركية القاطع لانضمام روسيا التي لطالما عرقلت محاولات الحل الخاصة بالقضية، إلى طاولة المفاوضات، دفع بروسيا نحو صالة المشاركين بصفة مراقب.

وعلى صعيد أمريكي، فإن الولايات المتحدة تدعم وبشدة عملية الحل، بغية تخفيف النفوذ الروسي في حوض شرق البحر المتوسط اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا، حيث من خلال ضم قبرص تحت راية الاتحاد الأوروبي، يسهل تمديد خط الغاز الإسرائيلي عبر قبرص نحو الاتحاد الأوروبي، وبذلك يصبح هناك منافس للغاز الروسي، وعبر رفع مستوى التعاون الأمني مع الاتحاد الأوروبي يمكن للناتو فرض سيطرته على حوض شرق البحر المتوسط، وبذلك يمكن كسر القوة الروسية الساعية لاحتكار القوة هناك.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس