سامي كوهين -صحيفة ملييت- ترجمة وتحرير ترك برس

من المبكّر أن نتحدث عن نتائج مفاوضات جنيف حول الأزمة القبرصية.

إن التطور الإيجابي الذي حدث في مفاوضات قبرص لهذه المرة هو أنها جرت على نطاق أوسع، في هذه المرّة شهدت المواضيع التي عمل عليها قادة قبرص التركية واليونانية تطورا ملحوظا، واشتركت تركيا واليونان وبريطانيا كدول ضامنة للمباحثات، لتغدو المفاوضات أشبه بمؤتمر خماسي.

علينا ألا نستغرب لعدم خروج الاجتماعات التي عُقدت بنتائج مادية ومحسوسة، ولم يكن هناك أحد ينتظر حلا شاملا خلال أيام معدودة من اجتماعات جنيف.

إن التطابق الوحيد الذي توصّلت إليه الأطراف هو فيما يتعلق باستمرار اللقاءات على المستوى الفني حتى تاريخ 18 كانون الثاني / يناير، وهذا يعني أن مفاوضات جنيف مازالت مستمرة.

إن المفاوضات التي جرت ستظهر لنا مدى المرونة التي يتمتع بها الأطراف للوصول إلى تسوية وتصالح فيما يخص الأزمة القبرصية.

الشيطان في التفاصيل

إن مفاوضات جنيف أظهرت اختلاف الرؤى لدى الطرفين، وذلك لدى البحث والتمعن أكثر في المواضيع التي تناولتها المفاوضات فيما يخص الأزمة القبرصية. إن المبادئ العامة، والمعالم الأساسية والتفاصيل الصغيرة ليست كافية للوصول إلى تسوية، ولهذا السبب إن مقولة "الشيطان في التفاصيل" لم تأتِ من فراغ.

وهذا ينطبق على ما تمت مناقشته في جنيف بدءا من تقاسم السلطة، ومرورا بالملكية، وصولا إلى ضمان الأراضي، ومواضيع أخرى كثيرة، والتي لاتزال قيد الخلاف.

إن نقاط الخلاف بين الأطراف فيما يخص المصالح تظهر جليا كلما تعمقنا أكثر بالتفاصيل، ولكي يتم التوصل إلى اتفاق مشترك في هذه المواضيع، من الضروري في بعض الأحيان اتخاذ خطوة إلى الوراء، ومن الضروري القيام ببعض التنازلات والتضحيات.

السبب الرئيس في عدم الوصول بالأزمة القبرصية إلى حل منذ سنوات طويلة هو عدم توازن الدوافع المتعلقة بالطرفين.

على سبيل المثال عندما وافق الجانب التركي في بداية عام 2004، على الخطة المقدّمة من قبل "عنان" كان الدافع آنذاك ميزة العضوية لدى الاتحاد الأوروبي، ولكن لم تكن الميزة نفسها متوفرة بالنسبة إلى الجانب اليوناني، لأن الاتحاد الأوروبي حينها كان قد وقع في خطأ، وهو أنه قبلها في الاتحاد بصفتها دولة قبرص.

هل في الوقت الحالي دوافع تحفّز الطرفين للقيام بتنازلات وتضحيات توصل الطرفين إلى حل للأزمة؟

في الحقيقة إن العضوية في الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى الجانب التركي ليست دافعا قويا كما كان الأمر في 2004، ولكن على الرغم من ذلك الجانب لتركي يسعى إلى حل من أجل حياة تنعم برفاهية أكبر.

هل توجد دوافع قوية ومحسوسة بالنسبة إلى الجانب اليوناني، يمكن تداولها ومناقشتها عبر الحوار على الطاولة؟ أم أنهم سيتمرون بعقلية "نحن الدولة؟".

إجابة هذا السؤال هي ما سنحصل عليها خلال المرحلة المقبلة من المفاوضات.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس