منصور أق غون –صحيفة قرار- ترجمة وتحرير ترك برس

الإعلام الأوروبي والأمريكي قبل بدء مباحثات أستانة التي أجريت بجهود مبذولة من تركيا وروسيا وإيران، والتي جمعت النظام والمعارضة المسلحة حول طاولة واحدة، لمح إلى أن المباحثات لن تكون ناجحة، في البداية تم رفع سقف التوقعات، وفيما بعد أُخذ بعين الاعتبار ما يقوله كل طرف عن الآخرـ وبعده تم الترويج مباشرة بأنّ المباحثات لن تكون ناجحة، وعبّروا في العناوين وبين السطور خيبة الآمال من المباحثات.

هناك أمر مهم، ألا وهو أن تكون الأطراف المتنازعة في سوريا قادرة على الجلوس حول طاولة حوار واحدة، أمر بحد ذاته يعدّ نجاحا، لم يدّعي أحد أن أستانة ستحل الأمور، وأن الحرب في 24 كانون الثاني / يناير ستنتهي، فأستانة كانت نتيجة للقاء التركي مع روسيا في موسكو، وكانت استمرارا لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بالاتفاق التركي والروسي والإيراني.

الدول الثلاث "روسيا وإيران وتركيا" والداعمون لهم على مضض اجتمعوا في أستانة، وتباحثوا، وتمكنوا من جمع الأطراف المتنازعة في سوريا حول طاولة واحدة، وناقشوا سبل جعل وقف إطلاق النار مستمرا، والأهم من هذا كله هو أن العقبة التي كانت تحول دون اجتماع الأطراف المتنازعة في سوريا قد أزيلت. ومن الواضح أن أستانة كانت ناجحة في تحقيق هذه الاهداف المبدئية.

أستانة كانت بمثابة القاعدة التي مهّدت للاجتماعات المزمع عقدها في جنيف، لبحث سبل السلام، وعودة الحياة الطبيعية إلى سوريا، وأسهم في البحث معمقا في اتفاقية وقف إطلاق النار، وسبل تعميمها.

وعلاوة على ما تم ذكره أثبتت اجتماعات أستانة أن الدول الثلاثة المعنية بالحل بشكل مباشر "روسيا وتركيا وإيران"، على اختلاف وجهات نظرهم بإمكانها أن تجتمع مع بعضها البعض، وأنها لن تتصارع مع بعضها من أجل سوريا.

وكان هناك جهات لديها شكوك في تقاربها من اجتماعات أستانة، وذلك لأن بعض هذه الجهات كانت تؤمن أن الحل لن يكون إلا من خلالها، ولأن بعضها الآخر لم يكن يرغب بالحل من الأساس. وكانوا يشعرون بقلق من أن تحدث معجزة وتحل الازمة السورية من خلال اجتماعات أستانة، واختاروا أن يُظهروا الاجتماعات وكأنها غير مهمة، وذلك من خلال الكلمات الافتتاحية التي ألقوها.

إن اجتماع أستانة كان مهما شاء من شاء أبى من أبى، فكانت أستانة نقطة تحوّل مهمة فيما يخص النظام المقرر إنشاؤه في سوريا، فالأطراف المتنازعة في الساحة السورية، تحاوروا حول الطاولة، وأعربوا عن آمالهم، وتوقعاتهم. وتناولوا سبل تعميم وقف إطلاق النار، وما يتوجب فعله من أجل إحلال السلام، لا ندّعي أن كل شيء كان على أفضل ما يرام، ولكن نقول: إنّ اجتماعات أستانة كانت ضرورية، ولا بد من عقدها، والحمدلله أنها عقدت"..

الآن حان الوقت لتطبيق وقف إطلاق النار في عموم سوريا، واستمرار الاتفاقية، من خلال ما سيتم التوصل إليه في اجتماعات جنيف المزمع عقدها في 8 شباط / فبراير، ففي حال تم تطبيق وقف إطلاق النار في عموم سوريا، وفي حال طبّقت تركيا وروسيا وإيران المسؤوليات التي تقع على عاتقها، وفي حال تم تنفيذ النتائج التي أعلن عنها وزير الخارجية لدى كازخستان بعيد اجتماع أستانة، نأمل في أن تلقى الأزمة السورية حلّا.

ولكل من يسأل لماذا أستانة؟ أقول لهم: عليكم أن تسألوا أنفسكم لماذا لم تقم الدول الأخرى أمثال " السويد وسويسرا واليابان" وغيرهم ولو بشيء إزاء مئات الآلاف الذين لقوا مصرعهم في سوريا، وإزاء عمليات التهجير التي تعرّض لها الشعب السوري بغية تخفيف آلامهم ومعاناتهم"؟.

من الضروري أن تعمل الجهات غير الراغبة في التوسع الروسي في سوريا، على المساهمة في إيجاد حل للأزمة السورية أيا كانت الجهات الفاعلة في هذا الحل، إن الشرق الأوسط وبشكل خاص سوريا باتت ساحة هشة، لا تحتمل أن تتم تصفية أوراق اللعب من خلالها ولو بنسبة 0 بالمئة. فالتصدعات عميقة، والمشاكل معقدة، فإن لم تحل الأزمة السورية فإن فتيل صغير من الممكن أن يؤدي إلى كوارث كبيرة.

عن الكاتب

منصور أق غون

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس