منصور أق غون–صحيفة قرار- ترجمة تحرير ترك برس

شكّلت قمة حلف الشمال الأطلسي، التي التقى فيها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، بعدد من زعماء دول الاتحاد الأوروبي، فرصة لتحسين العلاقات التركية-الأوروبية، التي كانت في الأساس تشهد نوعا من التدهور، والتي تدهورت أكثر خلال مرحلة الاستفتاء على الدستور الجديد.

وفهمنا من خلال اللقاء الصحفي الذي أجراه الرئيس أردوغان في أثناء عودته من القمة، بأنّ المباحثات كانت مثمرة، وأنّه تم التوافق على جدول زمني لتجاوز المشاكل الموجودة.

ومن الواضح أنّ تركيا والاتحاد الأوروبي لا يرغبان بإنهاء العلاقات الثنائية فيما بينهما، وكذلك لا يرغبان بقطع التعاون بين بعضهما البعض. ونأمل في أن تنعكس هذا الإرادة الموجودة لدى الطرفين على سياسة واقتصاد ونظام القانون في تركيا بشكل مثمر، ونتمنى أن يكون الاتحاد الأوروبي قد وعى الخسائر التي سيتكبّدها في حال خسر تركيا، ونتمنى بأن يتصرفوا تجاه تركيا بعد الآن بجدية أكبر.

إن موضوعنا الأساس ليس العلاقات الأوروبية-التركية، وإنما موضوعنا الأساس هو استخدام حلف الشمال الأطلسي الإمكانيات الموجودة لديها في مواجهة تنظيم داعش، ذلك لكون ازدياد الأطراف المواجهة لتنظيم داعش، قد يعني بالضرورة زيادة الأطراف الداعمة لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يُبرز على أنّه يواجه داعش، الأمر الآخر الذي قد يستدعي تدخلا في القضية السورية، هو المواجهة التي قد تحدث بين روسيا وإيران القوتين الفاعلتين في سوريان مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال قمة حلف الشمال.

إنّ هاتين الاحتماليتين تشكلان مصدر إزعاج وقلق بالنسبة إلى تركيا. إنّ التوتر بين روسيا وحلف الناتو، قد يلقي بظلاله على العلاقات التركية-الروسية التي تتجه شيئا فشيئا نحو التحسن، بعد الأزمة التي شهدتها إثر إسقاط الطائرة الروسية من قبل القوات المسلحة التركية.

إن الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه خلال القمة، لم يكن اتفاقا أحادي الجانب، تمّ التوصّل إليه من قبل حلف الشمال الأطلسي، دون تدخل تركيا. إذ لتركيا حق النقض فيما يخص بنود الاتفاق على غرار الدول البالغ عددهم 27. تركيا تعمل الآن بكافة أجهزة حلف الشمال، وتشارك في كافة اجتماعات الحلف من خلال ممثلين تعمل على توظيفهم. ولا يمكن للحلف أن يتخذ قرارا رغما عن أنف تركيا. ولذلك من الصعب جدا، إن لم يكن مستحيلا، أن يقوم حلف الشمال الأطلسي بتدخل في سوريا، من دون أن يفكّر بمصالح وتطلعات تركيا.

أن تشارك تركيا في عملياتها ضد داعش في سوريا، في إطار حلف الشمال الأطلسي، بدلا من مشاركتها مع دولة حليفة أخرى، ترغب بمحاربة داعش من خلال فرض سيادتها، أفضل لها من حيث مصالحها، وأفضل لها فيما يخص مستقبل سوريا. إذ لا بد لتركيا من أن تكون صاحبة كلمة في أي عملية يرغب الحلف القيام بها، وعند اللزوم بإمكان تركيا أن تستخدم حق النقض. وصلحية استخدام حق النقض بطبيعة الحال ليست مطلقة، إذ لا بد من تجهيز أنفسنا للتعقيدات التي قد تتولد في حال الاستخدام الكثير لحق النقض من قبل تركيا.

من ناحية أخرى، تركيا منذ أن أصبحت عضوا في الحلف استخدمت حق النقض، ولا تزال تستخدم، وعانت تركيا من مشاكل مختلفة مع حلف الشمال الأطلسي، وخصوصا فيما يخص قضية قبرص، وموضوع التعاون المشترك بين حلف الشمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية.

تركيا ستستخدم مناوراتها بشكل فعّال أكثر، مع الدول الحليفة التي تعتمد استراتيجية دعم تنظيم إرهابي، في سبيل القضاء على تنظيم داعش الإرهابي. ولكن الناتو كما تمّ فهمه من التصريحات، ستطبق في سوريا عملية محدودة، ولن تعمل على التعاون المشترك في سبيل استخدام القوة الفعلية. وأكثر القوى الفاعلة على الأرض لا تزال روسيا وإيران والولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الحلف الشمال الأطلسي أن يبذل جهدا أكبر في سبيل حماية مصالحها ومصالح تركيا.

عن الكاتب

منصور أق غون

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس