ترك برس

رأى تقرير لصيحفة "الحياة" اللندنية، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى منذ سنوات إلى الحفاظ على الهوية التركية وصلتها بالإسلام، وأن الغرب منع المفكرين والسياسيين الأتراك من إنتاج العلمانية التركية الخاصة.

واستعرض التقرير، الذي حمل توقيع الكاتب اللبناني "خالد غزال"، تحليلًا عن محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو/تموز من العام 2016 على يد منظمة "فتح الله غولن" المصنفة في قائمة الإرهاب لدى تركيا.

واعتبر أن الانقلاب الفعلي في تركيا قاده وينفذه بقوة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، من خلال التغييرات التي أجراها حتى الآن، والأهم في سعيه الدؤوب لإحداث انقلاب دستوري يطيح عملياً بالجمهورية التي أسسها مصطفى كمال، ويكرس النظام الرئاسي الذي يعيد مجد سلاطين بني عثمان.

وأشار الكاتب إلى أن أنصار أردوغان ينطلقون من تحميل الغرب الأوروبي والأميركي مسؤولية قيام الانقلاب جواباً على تغييرات يقوم بها أردوغان تهدف إلى تأكيد هوية الشعب التركي التي يسعى الغرب الى تغييرها او تشويهها.

وأضاف: "فأردوغان يسعى منذ سنوات الى الحفاظ على الهوية التركية وصلتها بالإسلام، فيما يسعى الغرب الى تكريس علمانية ذات صبغة واضحة في طابعها الأوروبي، بل إن الغرب منع المفكرين والسياسيين الأتراك من إنتاج العلمانية التركية الخاصة، القادرة على التوفيق بين الدين والدولة".

وقال إن النجاحات التي تحققت في عهد حزب العدالة والتنمية، على الصعد الاقتصادية التي جعلت من تركيا دولة قوية في اقتصادها، وعلى الصعد السياسية، خصوصاً في ميدان إقرار التعددية السياسية والحزبية، لم ترضِ الدول الأوروبية والأميركية، فوقفت في وجه دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما جعل هذه الدول تضمر شراً للحكم القائم، فاستخدمت تنظيماً سرياً للتسلُّل إلى مؤسسات الدولة، بما فيها مؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية والشرطة.

وبحسب الكاتب، كان انقلاب تموز 2016، في وجه رئيسي منه، تمرداً عسكرياً داخل الجيش التركي. شكّل ذلك حجة لدى أردوغان لإعادة بناء الجمهورية في هيكلها ونظامها السياسي ودستورها، وعلى الأخص وضع المؤسسة العسكرية والجيش والقوات الأمنية التركية كلها بإشراف الحكومة.

مما يعني إلغاء ذلك الموقع المتميز الذي كان الجيش التركي يتمتع به ويفرض على السلطات القائمة سلطاته، خصوصاً عندما يبدو أن هناك ما يمس موقع النظام العلماني الذي اعتبر الجيش نفسه حاميه والمدافع عنه. لذا لم يكن غريباً أن تتركّز الحملات السياسية والاعتقالات على الجيش منذ اليوم الأول، بحيث كانت هناك خطة واضحة "لإذلال الجيش وتحطيم معنوياته" كشرط للهيمنة على العسكر وإخضاعهم للسلطة السياسية.

وتابع: "كان أردوغان يعبّر بوضوح، من خلال إجراءاته، عن هدف بناء الجمهورية التركية الثانية، عبر التخلص من موروثات جمهورية أتاتورك..

عندما يتحدث أنصار أردوغان عن نتائج الانقلاب وتداعياته السياسية، يزعمون أن الشعب التركي قرر أن يكون هذا الانقلاب الدموي هو آخر الانقلابات في تركيا. فالانقلاب فشل لأنه لم يجد من يتعاطف معه، والانقلاب أثبت أن الشعب التركي هو صاحب الكلمة، فقد وقف منذ الساعات الأولى ضد الانقلاب، ولبّى رغبات رئيسه بالنزول إلى الشارع وإفشال الانقلاب.

كما أظهر الانقلاب الحاجة إلى دستور جديد للبلاد يضع كل المؤسسات وعلى رأسها الجيش تحت سلطة الحكومة. في المقابل، نجحت الحكومة في تضخيم موقع ودور الكيانات الموازية التي اتهمتها بتدبير الانقلاب، وشيطنتها بالمطلق، بما فيها اتهامها بالخيانة العظمى والارتباط بالخارج. يفتح ذلك على توجه أردوغان لإعادة بناء مكونات الدولة التركية الحديثة بمؤسساتها المدنية والعسكرية.

وشدّد على أن "تركيا لم تخرج حتى الآن من وطأة الانقلاب والانقلاب المضاد. وإذا كان معظم الكتابات المناهضة للانقلاب يقدم صوراً وردية عن حال تركيا بعد إفشالها الانقلاب، وعن التبشير بمستقبل دستوري واعد، إلا أن ما آلت إليه الأوضاع لا يؤكد هذه الصورة. فقد خرجت تركيا من الانقلاب منهكة وقد أصاب نسيجها الاجتماعي الكثير من التفكك".

وشهدت تركيا، منتصف يوليو/تموز الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة "فتح الله غولن"، وحاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.

وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن؛ ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، وساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.

جدير بالذكر أن عناصر منظمة "فتح الله غولن" قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية؛ بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة. ويقيم غولن في الولايات المتحدة منذ عام 1999، وتطالب تركيا بتسليمه، من أجل المثول أمام العدالة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!