مروة شبنم أوروتش – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

يعدّ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الجديد "دونالد ترامب" الرجل غير المرغوب به من قبل الغرب. على الرغم من أنّه لم يكمل شهره الأول في البيت الأبيض, إلا أنه يواجه أياماً صعبة . إذ تسببت قراراته التي اتخذت على عجل بعد وصوله إلى الرئاسة في تحطيم الموازين الداخلية والخارجية للولايات المتحدة.

كان مستشار الأمن القومي "مايكل فلين" الضحية الأخيرة للضغط الذي يعاني منه الرئيس ترامب. أصبح فلين الذي دعا إلى إعادة "فتح الله غولن" إلى تركيا, بعد أن كان من الداعمين لمحاولة الانقلاب التي قام بها التنظيم الموازي ليلة 15 يوليو/تموز في ورطة كبيرة بسبب المكالمة الهاتفية التي أجرتها روسيا مع السفير الأمريكي "سيرجي كيسلياك" في الأيام الأخيرة.

فقد تحول "فلين" إلى الهدف الجديد بعد اتهامه بأنه قال لـ "كيسلياك" أنه يمكن تخفيف العقوبات الاقتصادية ضد روسيا خلال الفترة الرئاسية لترامب". حتى إنه لم يقم أي أحد بالسؤال عن سبب تنصت مكتب التحقيقات الفيدرالي على مكالمات فلين, لكن سرعان ما اتفق الجميع على عدم تسليم الأمن القومي للولايات المتحدة لـ "فلين". كما قامت بعض الشخصيات من فريق ترامب, مثل كبير الاستراتيجيين "ستيف بانون", بدعم هذا الرأي, وبالتالي تم فصل فلين عن وظيفته قبل أيام.

بعد أن أظهر ترامب الرغبة في التقارب مع روسيا, وأوضح أنه على استعداد للتعاون على تطوير العلاقات بين موسكو وواشنطن ضمن مبادئ الـ" التنمية, المساواة والمنفعة المتبادلة" خلال مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الروسي "بوتين" في شهر يناير, اضطر إلى اتخاذ خطوة إلى الوراء بسبب ضغط المجلس الأمريكي الموجه نحوه وقال: إنه لن يتم تخفيف العقوبات الاقتصادية على موسكو  قبل خروج روسيا من دولة الـ "قرم". كما اضطر ترامب إلى تغيير موقفه اتجاه حكومة الصين, وقدم عهداً بأنه سيحترم سياسة صين واحدة التي تتبعها الحكومة الصينية, وذلك على عكس ما قاله في وقت سابق.

من المؤكد أن ترامب بحاجة إلى خطة طارئة لتخفيف الضغط عن نفسه وتشتيت الانتباه عنه وتحسين صورته أمام الشعب الأمريكي والشعوب الأخرى. يمكن أن تكون قضية مكافحة داعش هي الحل لمشاكل ترامب, حيث يقوم بتشكيل خطة يتلقى خلالها الدعم من جميع الجهات مما سيزيد من شعبيته في حال نجاح خطته.

 وكان خلال حملته الانتخابية اتهم سلفه أوباما بعدم مكافحة إرهاب داعش كما يجب, بل ذهب إلى أبعد من ذلك إذ اتهم أوباما وهيلاري كلينتون بأنهما هما اللذان أوجدا تنظيم داعش.

كما قام ترامب بإنهاء الاستراتيجية التي اتبعتها إدارة أوباما في استخدام حزب الاتحاد الديمقراطي لاستعادة الرقة من داعش لاعتباره أنها استراتيجية ضعيفة وناقصة, وقام خلال الشهر الماضي بتوظيف مجلس الوزراء لتشكيل خطة جديدة وناجحة للتغلب على تنظيم داعش الإرهابي في غضون 30 يوما.

في حال تمكن الرئيس الجديد من القضاء على داعش الذي اتخذه أوباما حجة له في كل فرصة إلا أنه لم يحصل على أي نتيجة واضحة, فإنه سيكسب الدرع الذي يحتاج إليه خلال صراعه مع النظام الموجود في أمريكا.

في هذا السياق, فإن المكالمة الهاتفية التي تم إجراؤها بين ترامب وأردوغان منذ أسبوعين، وزيارة مدير وكالة الاستخبارات المركزية "مايك بومبيو" إلى تركيا عقب هذه المكالمة تحملان أهمية كبيرة.

 يشير قيام بومبيو بأول زيارة له خارج الولايات المتحدة إلى أنقرة إلى مدى أهمية قضية داعش بالنسبة إلى إدارة ترامب. وتعتبر عملية درع الفرات الدليل على النجاح العسكري الكبير الذي حققته تركيا لوحدها في مكافحة داعش, مما سيدفع ترامب إلى التعاون مع تركيا للحصول على نتائج إيجابية في إطار القضاء على داعش.

وسيزيد ذلك من قوة أنقرة خلال مفاوضاتها مع الإدارة الأمريكية الجديدة. كما تشير كلمات المتحدث باسم الرئاسة "ابراهيم كالن" خلال تصريحه عن مكالمة ترامب وأردوغان الهاتفية عندما قال "إن تركيا لديها خطة ملموسة ستحقق النجاح في تطهير الرقة من تنظيم داعش" إلى بدء المفاوضات خلال هذه المكالمة, وأن تركيا كانت على استعداد مسبق لهذه المفاوضات أيضاً.

 في حين كانت عملية الرقة هي جدول الأعمال الرئيسي لزيارة بومبيو إلى أنقرة, انعكست على الإعلام معلومات حول بدء أنقرة بمفاوضات فيما يخص تشكيل المنطقة الآمنة والدعم الموجه إلى حزب الاتحاد الديمقراطي وإعادة فتح الله غولن إلى تركيا خلال هذه الزيارة أيضاً.

قد تبدو تركيا وكأنها الطرف الذي سيكسب عند الانتهاء من المفاوضات, إلا أن المعادلة في سوريا معقدة جداً, حيث ستشكل روسيا العامل الأول خلال هذه المرحلة. على الرغم من محاولة أمريكا لتلبية بعض مطالب تركيا, إلا أنه من الواضح أن روسيا لن تكون راضية عن التقارب بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ويعتبر قيام حزب الاتحاد الديمقراطي قبل أيام بعقد مؤتمر في موسكو أحد المؤشرات على موقف روسيا المذكور. كما أنه من غير الممكن لحزب الاتحاد الديمقراطي "الذي لم يتم إغلاق مكتبه في موسكو حالياً" عقد مؤتمر صحفي في روسيا دون إذن من قصر "الكرملين".

إضافة إلى ذلك فإن روسيا لم تنكر ما قاله مسؤول الوزارة الخارجية الروسية "ألكسندر بوستان" حيث أفاد بأن بلاده لا تنظر إلى حزب العمال الكردستاني ووحدات الحماية الشعبوية على أنهما إرهابيان. وهذا يعني أن روسيا تعبر عن موقفها اتجاه التقارب التركي-الأمريكي من خلال بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي, وعلاوة على ذلك فإن روسيا لم تقم بتعيين سفير جديد في أنقرة بعد اغتيال السفير السابق "أندريه كارلوف" بعد, ويتوضح من ذلك أنها تتوقع حدوث بعض الأشياء الجديدة خلال هذه الفترة.

باختصار, إن تعاون تركيا وأمريكا في الدخول إلى الرقة سيثير قلق روسيا, مما سيدفع موسكو إلى زيادة دعمها لـ "بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي". بينما سيدفع عدم قيام تركيا بذلك إلى قلق الولايات المتحدة وقيام واشنطن بمواصلة الاستراتيجية التي تعتمد على حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا.

أما البقاء خارج هذه المرحلة, سيدفع إلى التقارب بين روسيا وأمريكا بكل سرور وبالشكل الذي سيختاره ترامب وبوتين في سوريا "كما حصل خلال فترة إدارة أوباما", وذلك سيؤدي إلى دفع تركيا خارج هذه المعادلة. وسيكون حزب العمال الكردستاني الطرف الكاسب مرة أخرى في حال حدوث ذلك.

يمكننا القول: إن تركيا حليف قديم للولايات المتحدة ولا توجد مشكلة في العودة إلى الماضي, لكن الفرق الآن هو اقتراب قوات النظام ,المدعومة من قبل روسيا, من القوات التركية في منطقة الباب إلى مسافة الـ 1-2 كيلو متر, وذلك يشكل خطر حصول معارك جديدة في المنطقة.

عن الكاتب

مروة شبنم أوروتش

كاتبة في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس