سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

من الواضح تمامًا أن "أزمة الزيارة" التركية، التي اندلعت في الآونة الأخيرة بين أنقرة وأمستردام، كان لها تأثير كبير على الانتخابات العامة في هولندا.

تغلب رئيس الوزراء مارك روته على منافسه اليميني خيرت فيلدرز في الانتخابات... غير أن حزبه الليبرالي تراجع، ومع ذلك حافظ على مركزه الأول بحصوله على 33 مقعدًا من أصل 150. وفي المقابل سجل حزب فيلدرز اليميني المتطرف "الحرية"، تقدمًا وحصد 20 مقعدًا، ليحتل المركز الثاني...

تركزت الأنظار على هذين الزعيمين في الانتخابات الهولندية، وحظيت نتائج حزبيهما باهتمام كبير. ومع ذلك فإن وضع بقية الأحزاب في البرلمان الجديد يعكس تطورات هامة. فمثلًا تعرض حزب العمل، شريك الائتلاف الحكومي، لهزيمة مدوية، بينما حقق حزب الخضر نجاحًا غير متوقع، كما دخل البرلمان للمرة الأولى حزب دانك، الذي أسسه أتراك ومغاربة...

يظهر من خلال هذا المشهد أن روته سيكون رئيسًا للوزراء للمرة الثالثة، وسيشكل حكومة ائتلافية مع ثلاثة أو حتى أربعة أحزاب. أمر آخر اتضح منذ الآن، وهو أن فيلدرز لا يملك فرصة الوصول للحكم، فليس في نية أي من الأحزاب الأخرى عقد شراكة معه...

الرأي السائد في هولندا أوروبا بشكل عام، باستثناء فيلدرز ومن يفكرون مثله بالطبع، هو أن تيار اليمين المتطرف تلقى ضربة موجعة في هذه الانتخابات. وبحسب رئيس الوزراء مارك روته فإن نتائج الانتخابات تعني "فرملة" التيار الشعبوي.

السبب في الاهتمام الواسع بالانتخابات الهولندية إلى هذا الحد في أوروبا على وجه الخصوص، هو انتشار هذا النوع من الشعبوية، أي تيار اليمين المتطرف ومعاداة الأجانب (الإسلاموفوبيا والتركوفوبيا)، في الكثير من البلدان الأوروبية. ويعرب الكثير من المحللين حاليًّا عن أملهم بأن نتائج الانتخابات الهولندية ستساعد على فرملة الحركات المتطرفة في بلدان أخرى كفرنسا وألمانيا.

وبالعودة إلى "أزمة الزيارة" التركية نجد أن رئيس الوزراء مارك روته، بادر بنفسه إلى اتخاذ بعض المواقف الشعبوية من أجل قطع الطريق على فيلدرز وعدم إتاحة الفرصة له كي يستغل الأزمة مطية له في الانتخابات، ليصبح هو المسؤول عن الفضيحة التي وقعت في روتردام.

من المنتظر، بعد انتهاء الانتخابات، أن يغير روته من موقفه، ويسعى إلى تخفيف حدة الأزمة. وهذا ما تشير إليه البيانات الرسمية الصادرة عن لاهاي.

وفي المقابل، تبدو تركيا مصرة على جعل هولندا تدفع ثمن الحادثة الأخيرة. ويساعد الاستفتاء المرتقب على التعديلات الدستورية في زيادة شدة الحملة ضد هولندا وأوروبا. والحكومة من جهتها تواصل سياسة تصعيد التوتر من خلال خطابها وإجراءاتها.

ومن غير الواضح حاليًّا فيما إذا كان هذا الموقف سيتغير بعد 16 أبريل/ نيسان (موعد الاستفتاء)، أم أنه سيستمر على حاله.

لكن حتى وإن خفت حدة التوتر بين الجانبين

فإن عودة المياه إلى مجاريها

ستأخذ الكثير من الوقت...

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس