ترك برس

رأى "عارف العبيد"، الخبير المتخصص بالسياسة الدولية في منطقتي البلقان والشرق الأوسط، أن الشعب الكردي هو أقرب للشعوب العربية والتركية والإيرانية منه للشعوب الغربية، وإن التجاهل المستمرّ لمَصير القضية الكردية من قبل الدول المجاورة والمعنية بالأمر سيُبقي الباب مفتوحاً أمام تدخل قوى دولية وإقليمية غير إسلامية في شؤون دول المنطقة باسم المسألة الكردية.

جاء ذلك في تحليل نشرته شبكة الجزيرة القطرية، حول الأبعاد الدولية لمَسألة استقلال كردستان العراق، حيث قال إن عملية إجراء استفتاء على انفصال الإقليم هي مسألة وقت، لأن هناك رغبة من اللاعبَين الأساسيَين في المنطقة (أميركا وإسرائيل) في تحقيق هذا الهدف البعيد خدمةً للمصالح القومية الإسرائيلية، لا حُباً للشعب الكردي ذي الأغلبية المسلمة السنية، مع الأخذ بعين الاعتبار النفوذ القوي الذي يمارسه اللوبي اليهودي على السياسة الأميركية المتعلقة بالقضية الكردية.

وأوضح العبيد أنه رغم التطورات المهمة في العلاقات الأميركية الكرديّة والأوروبية الكردية في الفترة الأخيرة، فإن واشنطن ومعظم عواصم الاتحاد الأوروبي ستَضع في حساباتها -لأسباب جيوستراتيجية واقتصادية- مواقفَ الدول الإقليمية التي تشكل فيها القضية الكردية معضلةً سياسية وجغرافية، مثل تركيا وإيران.

فتركيا مثلا ستبقى من الشركاء الأساسيين في حلف الناتو، نظراً لامتلاكها ثاني أكبر جيش في هذا الحلف، وبسبب تمدد النزعة القومية الروسية بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، والرغبة الأميركية والأوروبية في لجمها مستقبلاً بالتعاون مع دول محورية إقليمية شرق أوسطية. كذلك لا تُمكن مقارنة حجم التعاون والمصالح الاقتصادية بين تركيا وشركائها الأميركيين والأوروبيين بحجم المصالح الغربية مع كردستان العراق.

وقال الخبير إن الصعوبات الأساسية للقضية الكردية ستبدأ بعد إعلان نتائج الاستفتاء واستقلال كردستان العراق، لأن الحالة الجديدة التي ستنشأ ستواجه صعوبات ذات علاقة بالدول الإقليمية المجاورة، وستتأثّر بعوامل داخلية تفرض على الأكراد تغيير سياستهم تجاه دول الجوار إذا أرادوا لكيانِهم الناشئ أن يكون قابلاً للحياة.

وأشار إلى أن القضية الكردية كانت على امتداد السنين تتأثر بالصراعات والسياسة الدولية الشرق أوسطية. لقد كان الثابت الوحيد في توجهات اللاعبين الدوليين والإقليميّين -على تباين سياساتهم تجاه المسألة الكردية واعتماد كل طرف هذا الفريق الكردي أو ذاك حليفا له- هو إطالة المشكلة الكردية واستغلالها والاستثمار فيها عوضاً عن إيجاد حل لها.

ولأن الأولوية كانت تُعطى لاعتبارات تتعلق بتوازناتِهم ومصالحهم المتغيّرة، فقد كان الحليف الكردي ضحية تسوية وتصفيةِ خلافاتهم التي كانت تحلّ على حساب المصلحة القومية الكردية في معظم الأحيان.

وأضاف: "يمكن القول إن هناك حاجة أكثر من ماسة لإيجاد حل سلمي للمسألة الكردية بمساهمة الدول الإقليمية المعنية بالأمر، والبدء في حوار فعال وجدي عبر مشاركة ساسة الأكراد والعرب والأتراك والإيرانيين الوطنيين، بعيداً عن التطرف القومي والديني الخاص بكل طرف. وذلك لكيلا يبقى أبناء الشعب الكردي محلّ استغلال بأيدي الدول الغَريبة التي تريد الحفاظ على مصالحها في الشرق الأوسط".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!