جلال سلمي - خاص ترك برس

شارك الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في قمة العشرين المنعقدة ما بين 7 و8 تموز/يوليو 2017، في هامبورج الألمانية، والتقى على هامشها عدداً من قادة الدول الفاعلة على الساحة الدولية، أبرزهم فلاديمير بوتين ودونالد ترامب وأنجيلا ميركيل. فكيف مرت قمة العشرين بالنسبة لتركيا التي شاركت بمستوى رفيع في القمة؟

في البداية، على الرغم من كون قمة العشرين قمة اقتصادية تجمع الاقتصاديات الأكبر في العالم، إلا أنه يُلاحظ أن القضايا السياسية والأمنية تُهيمن على مسارها. وهذا ما بدا بارزاً في تركيز البيان الختامي على ضرورة مكافحة الإرهاب.

كان اللقاء بين أردوغان وبوتين أولى اللقاءات الهامشية لتركيا في القمة. تخلل لقاء الطرفين مناقشة الكثير من القضايا المشتركة في مجالات الاقتصاد والسياحة والصناعات الدفاعية. وبدا واضحاً أن الطرفين لا زالا يركزان في علاقاتهما على سياسة "فصل الملفات"، لا سيما فصل الملفين الاقتصادي والسياسي عن بعضهما البعض، فبينما يبدو واضحاً من تصريحاتهما وتحركاتهما الميدانية والدبلوماسية عدم توصلهما إلى توافق تام، وبالأخص بعد فشل التوصل إلى اتفاق نهائي مشترك في آستانة 5، نتيجة وجود بعض الاختلافات السياسية والميدانية التقنية، حقق الطرفان توافقاً واضحاً على صعيد التعاون الاقتصادي والدفاعي المشترك. ربما وجود أكثر من طرف في الأزمة السورية يؤدي بالطرفين إلى اتباع تلك السياسة، لكن يُستدل من الأجواء الإيجابية للمؤتمر أن الطرفين مستمران صوب التنسيق "المنفصل" حول الأزمات الموجودة على الساحة، وذلك لرغبة روسيا في تخطي التعقيدات التي تسيطر على المؤتمرات الدولية والإقليمية الجامعة لأكثر من دولة، ورغبة تركيا في التنسيق المنفصل بين روسيا والولايات المتحدة، للإبقاء على أداة ضغط تمنحها إمكانية في كسب مواقف توازن تحقيق مصلحتها بأقل الخسائر.

 أما اللقاء الذي جرى بين أردوغان وترامب، فقد أشار إلى أن حالة الغموض التي لا زالت تكتسي الاستراتيجية الأمريكية حيال المنطقة بشكلٍ عام، تنعكس بظلالها السلبية على العلاقات التركية الأمريكية التي لم تتضح، حتى الآن، ملامحها المستقبلية بشكل كامل.

 إن أجواء اللقاء بين ميركل وأردوغان ومجرياته أوضحت، وبشكل جلي، أن برلين وأنقرة لا زالتا تمران بمرحلة توتر ساخنة، وربما هناك أسباب عدة لذلك التوتر، غير أن أهمها:

1ـ اعتقاد تركيا أن ألمانيا تتعمد فرض أجندة سياسية عليها عبر منع المسؤولين الأتراك من حضور مهرجانات الجالية التركية هناك.

2ـ احتضان ألمانيا لبعض الأنشطة الخاصة بجماعة غولن، وحزب العمال الكردستاني اللذين تنعتهما تركيا "بالإرهاب".

3ـ عدم إقدام الحكومة الألمانية على الاعتذار عن إصدار البرلمان الألماني قرار توصية يتهم الدولة العثمانية بارتكاب "إبادة جماعية" بحق الأرمن.

4ـ رغبة ألمانيا في إيقاف تركيا تنسيقها ذي المستوى الرفيع مع روسيا، حفاظاً على "موازين القوى" لصالحها، وصالح الاتحاد الأوروبي بشكلٍ عام.

في الختام، بدا واضحاً خلال القمة أن أغلب قادة العالم يحاولون استغلال قمة العشرين للتباحث في عددٍ من الملفات العالقة على الساحة الدولية. وفي هذا الإطار حاولت تركيا توظيف القمة في صالح تحقيق بعض المصالح، لكن على ما يبدو لم تستطيع الخروج بالمستوى المطلوب من الأهداف المنشودة.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس