ترك برس

نظم مركز حرمون للدراسات المعاصرة، الأحد الماضي، 20 آب/ أغسطس 2017، ندوة بعنوان "تركيا والليبرالية"، بحضور ثلة من الباحثين الذين طرحوا أفكارهم حول مدى امتثال تركيا للمبادئ الليبرالية.

وفي معرض كلمته كمتحدث في الندوة، قال المحلل السياسي التركي، بكر أتاجان، إن حزب العدالة والتنمية هو حزب ديمقراطي يجمع بين الليبرالية والمحافظة، وقد تأسس في تركيا كما هو الحال في الدول الغربية بشكل مشابه إلى حدٍ كبير بالأحزاب الديمقراطية المسيحية، حيث يسوق الديمقراطية وإعطاء الحقوق للجميع، ولا يعتمد هدف تطبيق نظام حكم إسلامي كما يظن البعض.

وأضاف أتاجان أن الحكومة في تركيا تعتمد دستورًا علمانيًا ديمقراطيًا، ومن الصعب جداً تغيير هذا الدستور بسهولة، عوضاً عن عدم وجود نية حقيقية لدى الإدارة التركية الحالية التي يصفها بعض المتابعين بـ"الحكومة الإسلامية"، مبيناً أن الحكومة التركية محكومة بقوانين تحول دون اتجاهها نحو ذلك، ومضيفاً أن نتائج الاستفتاء الأخير التي أظهرت فوز حزب العدالة والتنمية بالكاد، توضح أن الشعب التركي الذي تربى على القوانين العلمانية المستمدة من قانون روما الأساسي، وقوانين سويسرا وإيطاليا، لا يقبل بتغيير نمط الحكم الحالي.

ومن المعالم التي تُظهر عدم توجه حزب العدالة والتنمية صوب تطبيق نظام حكم إسلامي، احتواؤه حتى الآن لجميع الأطياف السياسية، وما يميزه عن الأحزاب التركية الأخرى هو تمتعه بحساسية دقيقة ومراعاة للثقافة الإسلامية وفقاً لأتاجان الذي رأى أن من الطبيعي في دولة غالبيتها من المسلمين أن تكون حكومة البلاد دقيقة في تعاملها مع المعتقدات الدينية الموجودة داخل البلاد.

وفي معرض حديثه، بيّن أتاجان أن ردود الأفعال التي تظهرها الدول الغربية ضد حزب العدالة والتنمية، بذريعة أنه يعمل على "أسلمة" البلاد، ما هي إلا "حصان طروادة" تعمل من خلاله على التدخل في الشؤون الداخلية لتركيا، مشيراً إلى أن هناك العشرات من الدول في العالم الإسلامي، التي تحكمها إدارات غير ديمقراطية، وحتى أن نظامها ملكي، والمحاكم فيها تعمل وفقاً لأحكام دينية، غير أن الدول الغربية تتعامل مع تلك الدول وتُبقي علاقاتها معها طبيعية جداً، وهنا يتضح جليّاً حجم ازدواجية المعايير التي تتصف بها هذه الدول التي تروج زوراً أن تركيا تتجه نحو "أسلمة" الدولة.

وفيما يتعلق بوجود توجه "براغماتي" ـ التحركات التي تأتي بعيداً عن المبادئ ووفقاً للضروريات ـ لحزب العدالة والتنمية أو عدم وجوده، شدد أتاجان على أن هناك أمثلة عدة تُبين تحرك حزب العدالة والتنمية بشكل براغماتي، ووفقاً لمصالح البلاد، دونما اعتبارات لمبادئ أيديولوجية، أهم هذه الأمثلة:

ـ التصالح مع حزب العمال الكردستاني "الشيوعي" الذي يطالب بالانفصال، على أمل إرساء أرضية ملائمة لعملية سلام شاملة.

ـ تجنب الدخول في رحى الحرب المذهبية التي بدأتها إيران في المنطقة، حيث رأت تركيا ضرورة في مواصلة التعاون الاقتصادي الوثيق مع إيران وفقاً لسياسة "فصل السياسات"، وكانت تبحث دوماً عن قواسم مشتركة للتعاون مع إيران والعراق الشيعيتين.

ـ الإبقاء على التعاون مع روسيا، على الرغم من قيامها بحربٍ في القرم وسوريا، ولم تنتهج موقفاً يجعلها تقطع العلاقات معها وفقاً للمبادئ الأيديولوجية التي تطالبها بمحاربتها وقطع العلاقات معها.

وفي ختام كلمته، شدد أتاجان على أن هناك أخطاء فادحة في نظرة الدول الغربية لحزب العدالة والتنمية وحكومته، واتهامها إياها بالحكومة "المؤسلمة" للبلاد، مبيناً أن الغرب يعتبر كل إنسان يؤدي واجبه الديني في الصلاة بشكل منتظم، وكل مسلم يتمسك بدينه بقوة يكون بنظر الغرب "رجلًا إرهابيًا" أو "رجلًا خطيرًا على السلم العالمي"، فهذه النظرة خاطئة فـ"الإرهابي" أو "المتشدد" هو الذي يرفض القانون المدني ومبادئ الاقتصاد الحديث، وعند النظر لتركيا نجد أن المسلمين في تركيا لا تجد منهم حتى 1 في المئة لديه مشكلة مع القانون الحديث و الاقتصاد الليبرالي، وهم لا يبحثون عن بديل أصلًا، "و لكن مثلما تجد في أية دولة أخرى هناك أشخاص متشددون ربما يتواجدون في تركيا أيضاً، و ما زالت الحكومة التركية هي أهم دولة تحارب و تصارع منظمة "داعش". أيضًا هناك عدد كبير من المتشددين ومن عناصر "داعش" في الشرق الأوسط قد أتوا من الدول الأوربية ودول آسيا غير المسلمة، ولذلك فالأوروبيون هم المطالبون بمراجعة سياساتهم وليس تركيا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!