ترك برس

عقب عملية درع الفرات التي استمرت لسبعة أشهر، استطاعت تركيا أن تطهر قرابة ثلاثين كيلومترا في عمق أراضي الشمال السوري من عناصر تنظيم الدولة، ومنذ ذلك الحين، تمركزت تشكيلات النخبة من القوات المسلحة التركية في هذه المناطق بما فيها مدينة الباب.

وتجدر الإشارة إلى أن العامل الرئيسي لتسهيل عمل قواعد العمليات المتقدمة لتركيا كان وجود القبعات الخمرية. ومن الجدير بالذكر أن قائد هذه الوحدة من مقاتلي النخبة هو نفسه كان مسوؤلًا عن درع الفرات، وأحيانًا كان يقود العمليات من الباب، وفقًا لتقرير صادر عن "مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية" التركي.

وعقب إنجاز هذه الحملة العابرة للحدود، ظلت القوات الخاصة نشطة في المنطقة، ووفقا لمصادر صحفية تركية، قام قائد القبعات الخمرية بزيارة الوحدات المتقدمة وتوجه إليهم بكلمة بعد صلاة عيد الفطر الأخير (أواخر حزيران/ يونيو 2017).

وعلى الرغم من قلة المعلومات مفتوحة المصدر حول قاعدة الباب، تشير الأدلة المتاحة للجميع إلى أن عدد القوات التركية قد يخفض إلى نحو 1.500 جندي من أصل 8.000 مثّلوا ذروة معركة درع الفرات. وتشير بعض المصادر الصحفية إلى عمليات انتشار تركية إضافية قريبة من اعزاز.

وفي أيار/مايو 2017، صرح نائب رئيس الوزراء التركي ويسي كيناك، أن تركيا بدأت بالفعل بتشغيل قاعدة قريبة من منطقة عين العرب (كوباني)، وأن أنقرة ستقوم ببناء قاعدة عسكرية للدرك والأغراض العامة الأخرى، يكون مركزها جبل عقيل حيث وقعت أعنف الاشتباكات للسيطرة على مدينة الباب.

وكما جاء في تحليلات البحث الدفاعي المعمقة لـ"مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في تركيا/EDAM"، والتي وردت في إصداراته الخاصة بعملية درع الفرات، يبقى جبل عقيل أهم الأراضي المرتفعة الجيو-استراتيجية المطلة على الباب.

إلى جانب ذلك، فإن استراتيجية التمركز المعتمدة على التقسيم الثنائي بين قوات الدرك والقوات التقليدية تشبه استراتيجية الكتيبة المتنامية في قطر. ففي قبرص الشمالية، على سبيل المثال، لا تنشر تركيا قوات درك، وقد يكون أحد التفسيرات لذلك أولويات الأمن الداخلي.

الدرك التركي هو قوة أمن داخلي ذات خبرة كبيرة تقوم بمجموعة واسعة من المهمات، بدءا من إنقاذ القانون وصولا لمكافحة الإرهاب. وقد بدأت أنقرة منذ فترة ببناء جرابلس، كمنطقة مستقرة وقابلة للإدارة في شمال سورية، الأمر الذي من شأنه أن يخفف عبء اللاجئين عن تركيا إلى حد ما.

وتفيد التقارير أن نحو 66 ألف طفل محلي يتم تعليمهم في المدارس التي بنتها تركيا: فأنقرة تحاول تحويل جرابلس إلى مركز سكني جذاب للنازحين السوريين. لذلك، من المرجح أن تقوم وحدات الدرك بمهام متعلقة ببناء قدرات الشركاء وتقديم المساعدة لتدريب السكان المحليين على الحفاظ على النظام العام ومنع تسلل الإرهابيين إلى المناطق التي تم تطهيرها.

وكما صرح نائب رئيس الوزراء، فإن القواعد التركية سوف تقوم بتدريب وتجهيز الشركاء المحليين، غالبا في إطار أنشطة بناء قدرات الشركاء المذكورة أعلاه. ومن الجدير بالذكر، أن وكالة الأناضول التركية أفادت، في أيار/مايو 2017، أن القوات المسلحة التركية تدير برنامجا تدريبيا مكثفا منذ أواخر آذار/مارس 2017 لتعزيز القدرات القتالية للجيش السوري الحر.

الخطوة القادمة: قاعدة عمليات أخرى في محافظة إدلب؟

قد تكون إدلب موقعا آخر للتمركز التركي المتقدم، وقد ألمح المتحدث باسم الرئيس التركي إلى هذه الإمكانية في أواخر حزيران/يونيو 2017 في إطار اتفاقية تخفيف التصعيد التي توسطت فيها تركيا وروسيا. كما نشرت مصادر صحفية تركية صورًا لتلّة في إدلب حيث ستتمركز تلك القوات.

وتشير تحليلات مفتوحة المصدر مختصة بتحديد المواقع إلى أن الموقع المذكور كان جبل الشيخ بركات، وهو موقع ذو أهمية تكتيكية كبيرة بالقرب من الريحانية. إذا أصبحت هذه الأرض المرتفعة قاعدة عمليات متقدمة، سوف تمتلك القوات المسلحة التركية أفضلية جيو-استراتيجية مهمة جدا ضد عناصر وحدات حماية الشعب التابعة لحزب العمال الكردستاني في عفرين.


التقرير (Turkey’s Forward-Basing Posture) الذي أعدّه الدكتور "جان كسب أوغلو"، وهو حاصل على درجة الدكتوراه من "معهد الأبحاث الاستراتيجية" في "الكلية العسكرية التركية"، تمت ترجمته من اللغة الإنكليزية من قبل "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!