ترك برس

يُشير مقال تحليلي بمجلة "فورين آفيرز" الأمريكية، إلى وجود الكثير من التحديات أمام تحالف تركيا الجديد مع إيران وروسيا، وفي مقدمتها الارتياب المتجذر بين الأطراف.

وترى المجلة أن تركيا انخرطت في منافسة مع إيران وروسيا على مدار قرون، متبنيةً سياسة تكبح نفوذهما في الإقليم، وأن خوفها من الزحف الكردي استوجب انفراجة في علاقاتها مع إيران وروسيا في سوريا، لكن تعميق هذا التقارب يتطلب تغيرا تاما في سياسة أنقرة الإقليمية.

ويعني ذلك تعريض نفسها لمزيد من الاحتكاك بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى المعارضة لإيران، والتخلي عن سياسة تقليص النفوذ الإيراني في العراق، حسبما أورد موقع "ميدان" الصادر عن شبكة الجزيرة.

كما يعمق التقارب التركي مع نظام الأسد، وفق المجلة، أزمة الثقة بين تركيا وحلفائها داخل المعارضة السورية، مما يضعف تأثيرها عليهم. بدون هذه السيطرة، ستجد تركيا صعوبة في القيام بدورها في الصفقة بالضغط على المعارضة للانسحاب من الأراضي الخاضعة لها.

وقوف روسيا إلى جوار الأكراد السوريين مشكلة محتملة أخرى، إذ تؤمن موسكو أن الأكراد بطاقة شديدة الأهمية يمكن استخدامها ضد كل من أنقرة وواشنطن، لذا فمن غير المحتمل أن يسمح الكرملين بغزو عسكري تركي لعفرين.

وبدون الموافقة الروسية، لن تشن تركيا العملية العسكرية ضد المقاطعة الكردية التي كان يلمح إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

بالنسبة إلى إيران، يعد تغير المزاج التركي هدية، فعقد صفقة مع أنقرة لمعالجة النزعة الكردية الانفصالية -التي ستساعد على توطيد النفوذ الإيراني في سوريا والعراق- هو فوز صريح لطهران.

لكن إيران هي الأخرى منتبهةً إلى العوامل التي دفعت أنقرة باتجاهها هي وروسيا: نيّة ترمب مواصلة العمل مع الأكراد السوريين، وتحول الزخم العسكري في الحرب السورية الآن لصالح الأسد. تعلم إيران جيدا أن أي تغير في تلك الديناميات سيحوّل سياسة تركيا 180 درجة.

كان الفشل مصير جميع الجهود المبذولة سابقا من جانب أنقرة وطهران للبناء على أرضيتهما المشتركة، بسبب الارتياب المتجذر بين الطرفين، والاختلاف بين رؤيتيهما للمنطقة. ويمكن لهذه العوامل نفسها إعاقتهما عن بلوغ تقارب أكثر عمقا.

ومن المرجح، بحسب المقال، أن يعزز الدفء التركي تجاه إيران نفوذ طهران في سوريا والعراق. كما قد يقوض السياسة الأميركية في هذه البلاد، نظرا إلى العداء القائم بين الولايات المتحدة وإيران. ينذر ذلك بتردي العلاقات الأميركية التركية، المتوترة بالفعل.

لكن نظرا إلى هشاشة التقارب التركي مع خصميها السابقين، إضافة إلى المشكلات المستقبلية المحتملة، فما يزال استمرار هذا التقارب موضع نظر. وبدلا من اعتبار تركيا قضية خاسرة، ينبغي على واشنطن الاستمرار في إشراك أنقرة دبلوماسيا وعسكريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!