ترك برس

إذا كان التسويق السياسي عبارة عن مجموعة من التقنيات والأساليب، التي تهدف إلى إقناع الناخبين بتقديم الدعم والمساندة لمشروع سياسي أو شخص ما، فإن النسق والبعد الأخلاقيين حاضران بشكل كبير في المجتمع التركي في اختيار الناخبين لحزب معين.

السياسي الفاشل في حياته الشخصية في تركيا لا يزكيه الأتراك ولا يثقون به ولا يمدونه بأصواتهم في الانتخابات. رغم أن الأمر قد يكون شخصيا يتعلق بزواج أو طلاق أو سلوك أخلاقي، وفق تقرير لمركز "إدراك" للدراسات حول "التسويق السياسي عند حزبي العدالة والتنمية التركي والمغربي".

فحتى لو كان الحزب علمانيا ويعتبر أن الحياة الشخصية للإنسان شأن خاص به، ولا يؤمن بالأخلاق كما يُؤْمِن بها حزب العدالة والتنمية التركي، فإنه على المستوى السياسي لا يتهاون في أمر الانحراف الأخلاقي، ولو بالمعنى الفردي، مع السياسيين.

وما الفضيحة الأخلاقية للرئيس السابق لحزب الشعب الجمهوري دينيز بايكال، الذي استقال من منصبه إلا خير مثال على ذلك. فرغم أن الحزب لا يرى مشكلًا في ذلك، فإنه لم يرحم رئيسه لأن الرئيس يجب أن يمتثل ويسوق للصورة تستميل ود الناخبين.

وفِي هذا السياق، فإن من القواسم المشتركة بين حزب العدالة والتنمية التركي والمغربي أنهما يعملان على تخليق الحياة السياسية في بلديهما من خلال المصداقية والوفاء والعُهود.

ونلاحظ كذلك أن قيادات حزب العدالة والتنمية التركي لابد أن يخرجوا في الانتخابات وفِي غيرها من المناسبات ومعهم زوجاتهم، وفِي كثير من الأحيان مع اولادهم، ولا بد من ابتسامة ومن مظهر من مظاهر التماسك الاجتماعي؛ لأن فشل أسرهم الشخصية في المجتمع التركي كثيرا ما يكون سببًا لانتهاءِ مسيرتهم السياسية.

من خلال تتبع عملية التسويق في تركيا يتضح أن ما قام به حزب العدالة والتنمية التركي في السنوات الأخيرة، خصوصا قبل وأثناء وبعد الانتخابات البلدية، البرلمانية أو الرئاسية، أنه خطا خطوة جد متطورة في هذا المجال، ليس فقط مقارنة بأحزاب العالم العربي بل حتى بالأحزاب التركية القوية مثل الحزب الجمهوري وحزب الحركة القومية.

التسويق السياسي عند حزب العدالة والتنمية التركي ليس هو التسويق الانتخابي بل أكثر شمولية وفاعلّية، فهو يقوم على ركيزة مهمة تتمثل في المعرفة الكاملة والدقيقة للشريحة التي يريد الحزب توجيه الخطاب إليها.

حيث يستعمل مفاهيم كلية مثل العدل والحريّة والتنمية والاستقرار التي لا خلاف حولها، وينتقل إلى جزئيات وتفاصيل تمس المواطن التركي بشكل مباشر كاستعمالِ الحزب وقياداته لرموز لا بد من استعمالها في تركيا للوصول والاستمرار في السلطة مثل رمز أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية.

الحزب يستعين بشركات مختصّة في التسويق السياسي بالاعتماد على تقنيات التسويق التجاري مثل الإعلان، كاستعمالِ اللوحات الإعلانية في الشوارع وأيضا التليفزيون والراديو للدعاية للحزب، وهذا الاعلان يسمى بالإعلان السياسي.

أو الترويج لأعمال الحزب طوال فترة حكمه بواسطة مجموعة من التقنيات، كالتواصل المباشر وجها لوجه من خلال توزيع المطويات والكتيبات، أو استخدام المجلات والجرائد والانترنت خصوصًا منه مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك، أو عن طريق الاتصالات الهاتفية أو إرسال الرسائل الهاتفية أو الإيميلات للتذكير بأنشطة الحزب أو أعماله.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!