سولي أوزل – صحيفة خبر تورك – ترجمة وتحرير ترك برس

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم ليس رجل سياسة خارجية، ومع ذلك، فإن أهم تصريح أدلى به خلال رئاسته للحكومة كان بخصوص السياسة الخارجية.

أقر يلدريم بضرورة "تقليل عدد الأعداء وزيادة عدد الأصدقاء"، بعد أن شعر بوجوب التدخل لإصلاح الوضع الناجم عن خيالية سلفه وعدم استخلاصه العبر من أخطائه.

لكن رغم حسن نية رئيس الوزراء إلا أن الأحداث لم تأخذ هذا المنحى، وأصبحت تركيا تعيش في عزلة هي الأشد في تاريخ جمهوريتها.

تراجع دور الدبلوماسية في العلاقات الدولية، وطغى أسلوب خطاب موجه للداخل على جميع العلاقات الخارجية. وفقدت تركيا الكثير من الرصيد على الصعيد الإقليمي والعالمي.

تبدأ زيارة يلدريم للولايات المتحدة يوم 7 نوفمبر الحالي، في وقت انحدرت فيه العلاقات التركية الأمريكية إلى الحضيض. كان البلدان الحليفان يحلان أو يؤجلان أو يداريان خلافاتهما الاستراتيجية بطريقة ما، منذ انتهاء الحرب الباردة.

لكن مما لا شك فيه أن الأزمة اليوم عميقة وخطيرة، وتتطلب من الجانبين التدخل بعناية وتناول ومراجعة العلاقات فيما بينهما. فالشعور بالثقة المتبادلة تحت الصفر. وما ساهم في وصول الأمور إلى هذا الحد مشاعر الغضب والتنافر الناجمة عن سير الأحداث، علاوة على لغة التصريحات ومواقف الإعلام الذي ساهم في تدهور العلاقات.

وبحسب استطلاع للرأي أجرته شركة "بيو" في 37 بلدًا، يحمل 79% من الأتراك آراءً سلبية تجاه الولايات المتحدة، فيما يعتبر 72% منهم قوتها تهديدًا لبلادهم، وفي المقابل يعتبر الشارع الأمريكي تركيا بلدًا سلطويًّا.

يشعر الشارع التركي بالريبة تجاه الولايات المتحدة لمعرفته أن موقفها إزاء المحاولة الانقلابية الأخيرة في تركيا جاء متأخرًا وغير كافٍ، وأن واشنطن لم تبخل بدعمها السياسي على الأقل للأنظمة العسكرية.

ومما يزيد من الريبة تعاون الولايات المتحدة مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا. ويستعر  الغضب مع وجود زعيم تنظيم "غولن" في الولايات المتحدة، وعدم تسليمه لتركيا.

أما بالنسبة لأمريكا فإن ما زاد من حدة موقفها العلاقات الوثيقة لتركيا مع إيران وروسيا، وسعيها لشراء صورايخ إس-400 من الأخيرة، إضافة إلى تصريحات المسؤولين الأتراك شديد اللهجة، واعتبار واشنطن الموقوفين الأمريكيين في تركيا رهائن، وأخيرًا القبض على موظفين أتراك في القنصلية الأمريكية بإسطنبول.

كما أن النتائج السلبية للمشاكل التي وقعت أمام السفارة التركية بواشنطن قضت على الدعم لتركيا في الكونغرس. وزاد الطين بلة اقتراب موعد جلسات قضية رجل الأعمال الإيراني رضا زراب، واحتمال أن تؤثر التطورات في القضية بشكل سلبي على السياسة والاقتصاد في تركيا.

مجرد إعادة العلاقات المتوترة والمتدهورة إلى هذا الحد بسبب عدم التفهم المتبادل إلى مسار التطبيع، وفتح قنوات الحوار بين البلدين سيكون نجاحًا كبيرًا يُسجل لرئيس الوزراء بن علي يلدريم، الذي يتمتع بشخصية هادئة.

عن الكاتب

سولي أوزيل

كاتب في موقع خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس