علي شاهين – صحيفة ميلاد – ترجمة وتحرير ترك برس

العمليات العسكرية ضدّ أفغانستان والتي بدأت عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001 بقيادة الجيش الأمريكي وحلف النّاتو، قد إنتهت بشكل رسمي في 28 كانون الأول من العام الماضي.

لكن علينا أن نسأل الأن: إلى ماذا آلت إليه الأمور في أفغانستان بعد ثلاثة عشر عاماً من العمليات العسكرية لقوّات التحالف الدّولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية؟

للأسف لا نستطيع ان نقول في هذا الصّدد سوى أنّ الأمور ازدادت تعقيداً وأصبحت أكثر دمويةً ومأساوية. فأفغانستان الأن تتزيل قائمة الدّول من النواحي الأمنية والصحية والاقتصادية والتعليمية. فلا يوجد في هذا البلد أي دائرةٍ حكومية تعمل وفق نظامٍ أو قانونٍ معيّن.

وبالإضافة إلى كلّ هذا فإنّ حركة طالبان أعلنت أنّها تغلّبت على قوات التحالف على مدى ثلاثة عشر سنة، أي أنّها عرّفت عن نفسها بأنّها الطّرف المنتصر في هذا الحرب الطويل.

ولو نظرنا إلى تاريخ هذا البلد الذي يسمّى بمقبرة الامبراطوريّات أيضاً، نجد أنّها كانت عبر العصور محطّ أطماع العديد من الدّول الأجنبية. فقد طمع الاسكندر الكبير والامبراطور  الانكليزي و الامبراطورالروسية بخيرات هذه الدّولة، حتى إنتهى المطاف بأطماع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو. ولو أمعنّا النّظر إلى التاريخ، لوجدنا أنّ كلّ الامبراطوريّات التي أغارت على هذا البلد، لم تتمكّن من البقاء فيها والتّنعّم بخيراتها، حيث خرجت كل هذه الامبراطوريّات مدحورةً مهزومة من هذه البقعة الجغرافية. حتّى أنّ بعض هذه الامبراطوريّات لم تكتفي بالانسحاب مهزومةً من هذا البلد، بل أدّى تورّطهم بهذه الجغرافية إلى الانهيار التّام والزّوال إلى عدم العودة مرّةً ثانية.

بعد أن أعلنت الولايات المتحدة وحلف الناتو إنسحابهما من الاراضي الافغانية بومٍ واحد، استقبلت أحد أهم الشّخصيات الافغانية. وهو "ظلمائي مجادادي" الذي كان يشغل منصب قيادة المجاهدين ضدّ الاتحاد السوفيتي في جيش "أحمد شاه مسعود" حيث حارب هذا الرجل ضدّ السوفييت واعتلى منصب النائب البرلماني في حكومة المجاهدين التي تأسّست عقب انهاء الاحتلال السوفيتي لأفغانستان. حتّى أنّه مازال موجوداً في البرلمان الأفغاني كنائب مستقلٍ عن منطقة "بيداه شان"

ظلمائي قال لي، بأنّ على تركيا ان تتولّى دوراً فعّالاً في أفغانستان بعد خروج الأمريكان والناتو منها، لأنّ الشّعب الأفغاني يحبّ الشّعب التركي ويفضّله على باقي شعوب العالم.

والأغرب من هذا، أنّ حركة طالبان كانت قد أعلنت قبل سنتين أنّها تريد فرض النموذج التركي في الديمقراطية والدّين في أفغانستان. ولأجل ذلك أوصت هذه الحركة بإرسال الطلبة الأفغان إلى تركيا لتلقّي تعليمهم في الجامعات التركية. وإنّني في هذا الخصوص أؤيّد وأدعم هذه الفكرة وهذا الطّلب.

علينا أن نعي هذه النّقطة جيداً: إن لم تكن إسلام أباد وكابل بأمان وخير، فلن تكون أنقرة بأمانٍ وخير.

إنّ إعلان النّاتو انسحابها من أفغانستان، لا يعني إخلاء هذه الدّولة من القوات الأجنبية. لأنّ هناك ما يقارب 13 ألف جندي ٍ أجنبي سيبقون في الأراضي الأفغانية لتدريب وتأهيل الجيش الأفغاني. لكنّ أرض افغانستان لا تحتمل الفراغ السياسي والعسكري، فلا بدّ من وجود مستغلّين بدلاء بحسب رأي الدّول المستعمرة.

كنت قد أعددت في عام 2010 ملفاً خاصّاً بشأن الحل للأزمة الأفغانية والخطوات التي من الممكن اتّخاذها للوصول إلى حلٍ نهائي لهذه الأزمة، وقمت أنذاك بعرض هذا الملف أنثاء اجتماع عقدته الخارجية التركية بخصوص الشّأن الأفغاني. والأن أودّ أن أعرض لكم بعض البنود والمقترحات التي وردت في الملف التي قمت بطرحها للخارجية التركية من أجل حلّ الأزمة الأفغانية.

قبل أن أعرض البنود والمقترحات، أودّ أن ألفت النظر إلى نقطةٍ مهمّة جداً وهو أنّه إن أردنا تحقيق الأمن في كابل، علينا أيضاً ان نحقّق الأمن في اسلام أباد. لأنّنا إن لم نستطع تحقيق الأمن في باكستان، فمن الصّعب تحقيقه في أفغانستان. ولذلك يجب تحقيق الأمن في كلتا الدّولتين معاً.

استراتيجية الحل في أفغانستان:

1 – يجب على الأطراف عقد مباحثاتٍ مع عناصر طالبان في أفغانستان وباكستان من أجل إقناعهم للتّخلّي عن السلاح. فمن الممكن أن تطبّق الدّولة التركية للنّموذج التي تتبعها مع المتمرّدين الأكراد في أفغانستان.

2 – إرسال قوات حفظ سلامٍ إلى أفغانستان من أجل إحلال الأمن هناك، بحيث تتشكّل هذه القوة من دول منظّمة التّعاون الاسلامي.

3 – تشكيل وفدٍ من قِبل القيادات الاسلامية التي تتمتّع بالخبرة الكافية تحت اسم "برنامج السلام والتنمية الأفغانية" بحيث تكون مهمّة هذا الوفد تأهيل القادة الأفغان على القيادة من خلال إعداد خطط تنمويّة لمدّة خمسة، وعشرة، وعشرين سنة، حتّى يصبحون قادرين على إدارة البلاد سياسياً واقتصاديا.

4 – الإسراع في تأمين المستلزمات الضّرورية لأفغانسات وخاصّةً في المجال التّعليمي والصّحي والبنية التّحتية. وعلى الدّول الاسلامية والغربية زيادة الدّعم المادي لدولة أفغانستان.

5 – يجب إزالة كافة أنواع الأسلحة من المدنيّين وتطهير كافة الأرض الأفغانية من الألغام، وذلك وفق برنامجٍ معيّن.

6 – يجب الأخذ بعين الاعتبار آراء ومقترحات علماء الدّين ووجهاء العشائر الأفغانية في عملية السلام.

7 – يجب إعلان العفو العام وإخضاع جميع المقاتلين بما فيهم المقاتلين الأجانب إلى دورةٍ للتأهيل النفسي وإعادة توظيفهم في الدّولة.

8 – يجب إصدار حزمة تنمويّة وأمنية مشتركة تضمّ كلاً من باكستان وأفغانستان وتركيا.

على الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، تعيين ممثّلٍ خاص للدّولة التركية في باكستان وأفغانستان، وذلك من أجل ترسيخ النّفوذ التركي في تلك المناطق، لا سيما أنّ السياسة الخارجية التركية بحاجةٍ إلى مثل هذه الخطوات من أجل النّهوض أكثر على الصّعيد الخارجي.

عن الكاتب

علي شاهين

كاتب في صحيفة ميلاد


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس