صلاح الدين تشاكرغيل – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

كانت بعض الجهات تزعم بأنه يمكن إتمام عملية عفرين خلال مدة أقصر، لأن العدو هو تنظيم إرهابي، بينما منفذ العملية هي تركيا المعروفة بأنها أقوى دول حلف الشمال الأطلسي عسكرياً بعد أمريكا، لكن استمرت العملية لمدة شهرين، ولم تتمكن تركيا من الوصول إلى مركز مدينة عفرين إلا مؤخرا، هل يمكن اعتبار ذلك على أنّه ضعف للقوات المسلحة التركية؟

لكن عند النظر إلى المسألة بدقة أكثر نلاحظ أن تركيا تمكنت من رؤية المخططات والمكائد التي تنصبها لها أمريكا ودول حلف الشمال الأطلسي من خلال التنظيم الإرهابي، وبالتالي تصرفت بعكس التوقعات التي تنص على تنفيذ تركيا لعملية عسكرية صاعقة في عفرين، ولم تنفذ العملية بالشكل والوقت والمكان والأسلحة المتوقّعة، بل نفذتها بالشكل والوقت والمكان والأسلحة التي خططت لها قبل بدء العملية.

لو كان الأمر بعكس ذلك لربما انتهت العملية بأن تبوء الدولة التركية بالفشل في عفرين، لأنه توضح في بدايات عملية عفرين وجود نقاط مراقبة ومعسكرات وأنفاق طويلة وضخمة ومراكز أقمار صناعية ومكائد متطورة لا يمكن توقّع أنها مجهزة من قبل تنظيم إرهابي، إنما كانت مجهزة من قبل دول قوية ومصادر مالية وإمكانات تكنولوجية واسعة، لو أنه لم يتم إبلاغ الحكومة التركية بذلك مسبقاً لأدى ذلك إلى تعرض القوات المسلحة التركية لخسائر كبيرة في الساحة السورية.

نظراً إلى المكائد الموجودة فإن اتخاذ تركيا لخطوات محكمة في عفرين لا يعني أن ذلك سيؤدي إلى زيادة مدة استمرار العملية، بل يعني أن القوات التركية تنفذ العملية في إحكام وإدراك وتوازن تام.

لا يمكن القول إن التذكريات التي أباح بها الرئيس أردوغان قبل عدة أشهر لم تكن على علم من قبل أمريكا وحلف الشمال الأطلسي، لكن إذا كانت أمريكا ودول الحلف هي من أنشأ هذه اللعبة -وهذا ليس باحتمال ضعيف- فما الذي يمكن فعله في هذه الحالة؟ بالتأكيد يجب القيام بما فعلته تركيا.

لكن يبدو أن أمريكا ودول حلف الشمال الأطلسي تطالب بإيقاف عملية عفرين بحجة أن العملية تؤدي إلى صرف الانتباه عن تنظيم داعش ومكافحته، وذلك على الرغم من أن أمريكا ودول الحلف تزعم أنها تمكنت من القضاء على تنظيم داعش بشكل تام منذ عدة أشهر.

في الواقع إن القوى الإمبريالية تسعى إلى وضع خرائط جديدة للشرق الأوسط الذي تجزء عقب سقوط الدولة العثمانية وبالتالي تشكيل أنظمة حكم ملفقة جديدة في المنطقة، إضافةً إلى الوقوف في وجه نهوض تركيا بعد كبح قوتها منذ مدة تقارب المئة عام.

إن حلف الشمال الأطلسي لا يرى أي مانع في التهربّ من استخدام طائرات التحذير المبكّر الأمريكية -والتي لطالما تباهت بوجودها- في إظهار حقيقة أن القوات التركية لا تنفذ هجمات عسكرية ضد المدنيين والمستشفيات في عفرين، بل على العكس تماماً تقوم بإخفاء الكثير من الحقائق التي تحدث في سوريا والعراق، وكذلك تتعاون مع القوى الإمبريالية في إظهار الحب والمودة تجاه الإرهاب، لكن ذلك أمر طبيعي جداً لأن هذه هي الطريقة الوحيدة أمام الغرب لإظهار حقيقة أنه مصدر الشر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس