أكرم قزل طاش – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

"سنزيد الاحتياطات الأمنية تجاه الخطر الذي يهدّد الحدود الجنوبية لتركيا، وسندعم الأخيرة في صراعها ضد مصدر الخطر، وسنكون يداً واحدةً من أجل الحفاظ على أمان هذا الاتفاق وتطبيقه بشكل كامل".

هذه العبارات مأخوذة من التقرير الختامي لنتائج قمة حلف الشمال الأطلسي "الناتو" المعقودة في ولاية بروكسل الهولندية، زيادة الاحتياطات الأمنية دعماً لتركيا يعني أن الناتو سيدعم الصراع التركي ضد حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية التي تُعتبر امتداداً لبي كي كي في الساحة السورية، ومن جهة أخرى يشمل هذا البيان دعم الناتو لتركيا في صراعها ضد قوات سوريا الديمقراطية كما أسمتها أمريكا مؤخراً بعد أن أدركت أن أنقرة لن تقتنع بعدم وجود صلة بين وحدات الحماية الشعبية وحزب الاتحاد الديمقراطي وبي كي كي، في حين أن دعم الناتو لتركيا في مكافحة التنظيمات الإرهابية، التي تخضع لإدارة واشنطن التي تعتبر أنها قائد هذا الاتفاق، هو أمر في غاية الغرابة، والشعور بالغرابة هو أمر طبيعي جداً نظراً إلى أن أمريكا تدعم هذه التنظيمات الإرهابية بالسلاح والمال في سبيل تشكيل ممر إرهابي يمتد على الحدود الجنوبية لتركيا من جهة، وأن حلف الناتو يدعم تركيا في مكافحة التنظيمات المدعومة من قبل أمريكا من جهة أخرى، وبناء على هذه التطورات يمكننا القول إن الناتو يواجه أمريكا.

من المعروف أن الناتو رفض شراء تركيا لصواريخ الـ "باتريوت" بهدف ردع الخطر الذي كان يهدّد أمانها في سنة 2012، وعندما صرّحت أنقرة بأنها تنوي لشراء أنظمة الدفاع الجوي من روسيا والصين  تعرّضت لانتقادات شديدة، إضافةً إلى أن مسألة صواريخ S-400 التي استوردتها تركيا من روسيا كانت مصدر ازعاج كبير لبعض الجهات، لكن ما الذي تغيّر الآن؟ لماذا تخلّت الجهات التي رفضت شراء تركيا لأنظمة الدفاع الجوي عن مواقفها؟ وتزداد المسألة غرابةً مع تصريح الناتو الأخير بدعمه لتركيا في مكافحة الإرهاب الذي يهدّد حدودها الجنوبية، كما أن الناتو لم يذكر مسألة صواريخ S-400 خلال القمة الأخيرة في بروكسل!

في الواقع ليست هناك ضرورة للتفكير العميق وتكرار سؤال "ما الذي تغيّر الآن"، المسألة واضحة جداً، استطاعت تركيا مواجهة جميع المحاولات التي تهدف للسيطرة على الدولة التركية، وهذا الواقع بدوره دفع الجهات المدبّرة لهذه المحاولات الفاشلة للتراجع عن موقفها، وأدرك حلف الناتو أنه بحاجة لتركيا أكثر مما هي بحاجة إليه، وقد أثبتت تركيا ذلك من خلال عمليات درع الفرات وغصن الزيتون التي نفّذتها رغم رفض جهات عديدة لذلك، كما أن محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو تلعب دوراً هاماً في هذا الصدد، إذ يُعرف أن عناصر تنظيم الكيان الموازي المسرّبين لداخل القوات المسلّحة التركية كانوا يزعمون أنهم اتّخذوا خطوات هامّة في الساحة السورية، لكن توضّح لاحقاً أن هذه المزاعم لا تحتوي على أي مصداقية، وعقب انقلاب 15 تموز/يوليو أدركت الحكومة التركية أن جميع التصريحات المشيرة إلى الرد العسكري على الهجمات الإرهابية المنفّذة ضد تركيا كانت كاذبة، وكذلك تأكدت من أنها كانت مخدوعة فيما يخص مسألة مكافحة الإرهاب، لكن بعد أن استعادت الحكومة التركية قوّتها بدأت بالقضاء على الإرهاب في الداخل التركي بشكل كامل، كما اتّخذت خطوات هامّة في المناطق المجاورة لحدودها أدّت لتقليل الخطر الخارجي الذي يهدّد أمانها.

كانت جميع هذه التطورات التي انتهت بمحاولة انقلاب 15 تموز/يوليو عبارة عن مبادرة للسيطرة على تركيا، كما أن محاولة تصفية الرئيس أردوغان الذي أصبح رمزاً للنهضة التركية كانت جزءاً من هذه الخطّة، لكن إن الشّخص الذي حاولوا تصفيته أصبح رئيساً للدولة التركية رغم جميع المحاولات الهادفة لقطع تقدّمه.

عن الكاتب

أكرم كيزيلتاش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس