حمزة تكين - أخبار تركيا

بات من الجلي جدا كالشمس المشرقة في كبد السماء في يوم صيف صافٍ أن تركيا مصممة على القيام بعملية عسكرية ضد تنظيم PYD/PKK الإرهابي شرقي الفرات، سواء رضيت تلك الدولة أو لم ترضَ، قلق هذا الرئيس أو ذاك المسؤول.

الخطر الموجود حاليا شرقي الفرات أصبح في ذروته، وبالتالي ستقع تركيا بخطأ كبير في حال لم تقم بالعملية العسكرية التي بدأت التحضير لها جديا بالتعاون مع الجيش الوطني السوري.

يتمثل هذا الخطر بالأجندة التي يحملها تنظيم PYD/PKK الإرهابي والتي تنص على تقسيم سوريا واقتطاع شمالها من أجل تأسيس دويلة إرهابية على خاصرة تركيا، إلى جانب طمعه على المدى البعيد باقتطاع أجزاء من أراضي الجمهورية التركية لضمها إلى دويلته التي لن تقوم أصلا.

وإلى جانب هذه النقاط علينا ألا ننسى الظلم الذي يمارسه عناصر هذا التنظيم الإرهابي على المدنيين الأبرياء ـ أكراد وعرب وتركمان وسريان ـ في المناطق المحتلة شرقي الفرات، ظلم يتمثل بنهب الممتلكات وسوق الشباب للتجنيد الإجباري الظالم وفرض الأتوات والتضييق على الحريات وخاصة الدينية منها.

بشكل أساسي هجّر التنظيم الإرهابي سكان شرق الفرات العرب، إلى جانب بقية المكونات من تركمان وأكراد وسريان، إذ بلغ عدد من هجّرهم مليون و700 ألف شخص.

كل هذه المظالم وهذه الأجندة السوداء مدعومة وبشكل علني من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأنظمة الشرق أوسطية، ولكن من الواضح جدا أن هذا الدعم اللوجستي والاستراتيجي والمالي والإعلامي لهذا التنظيم المفتقد للحاضنة الشعبية، لن يثني تركيا أبدا عن عمليتها العسكرية التي تهدف من خلالها لتحقيق نقاط ثلاثة.

النقطة الأولى حماية أمنها القومي.

النقطة الثانية وأد مشروع تقسيم سوريا.

النقطة الثالثة تخليص المدنيين من الظلم وإعادة أصحاب الأراضي والبيوت الأصليين إلى مساكنهم وممتلكاتهم.

الرفض الأمريكي ـ المدعوم من أنظمة شرق أوسطية ـ للعملية العسكرية التركية بدا واضحا في غير مكان، خاصة في تلك الرسالة التي بعث بها مسؤولون أمريكيون إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والجيش الوطني السوري مهددين متوعدين متذمرين.

وتضمنت الرسالة عبارة "حينما ترقص الفيلة.. عليك أن تبقى بعيدا عن الساحة"، معتبرة أن أمريكا ومن خلفها من تلك الأنظمة الشرق أوسطية هي دول في حزب الفيلة، وربما قصدت أمريكا أيضا أن تركيا تعاند وتخطط وتتحرك كما تريد لأنها من هذا الحزب أيضا.

ولكن على أمريكا وحزبها أن يدركوا جيدا أن أي مشروع يريدون تمريره في الشرق الأوسط لن يمر بدون موافقة تركيا عليه وبالتالي لن يمر إذا خالف مصالح وتوجهات تركيا، التي هي مصالح وتوجهات شعوب المنطقة... تركيا اليوم ليست فيلا شريرا جشعا طماعا كفيلة أمريكا ومن لف لفها.

تركيا اليوم ذئب رمادي كما كان الشعب التركي طوال تاريخه الحافل بالإنجازات والبطولات التي لم تصب في مصلحته فحسب بل صبت في مصلحة أمة كاملة تمتد على قارات العالم كلها... هذا الذئب يتحضر اليوم للرقص على رؤوس تلك الفيلة التي عاثت بأرض سوريا فسادا وتدميرا وتخريبا وعينها على أرض تركيا.

الذئب التركي الرمادي أصبح مستعدا ليرقص على رؤوس تلك الفيلة مهما كانت سمينة بالظلم والمليارات والقوة الفارغة من الإنسانية... سينغّص هذا الذئب رقص فيلة داست بأقدامها المهترئة كرامات وحقوق الملايين من المدنيين في شرقنا الأوسط.

الكل اليوم يدعم هذا الذئب وقد رأينا بيانات الدعم والتأييد للعملية العسكرية التركية، الصادرة عن العشائر العربية والتركمانية وحتى الكردية، وبالتالي هنا الحاضنة الشعبية الحقيقية لا تلك التي يدعيها تنظيم PYD/PKK الإرهابي، ولنا في عفرين والباب وجرابلس وأعزاز خير دليل على مسيرة البناء وإعادة الحياة لكل المدنيين، إذ أن ذلك تحقق يوم أن رقص الذئب الرمادي وهو سيرقص من جديد شرقي الفرات.

تسعى تركيا لمهاجمة القوات الأمريكية المتواجدة ـ بصورة غير شرعية ـ شرقي الفرات، خاصة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد قبل يومين أنه يحضّر لسحب قواته من هناك، وبالتالي فليسحبها وتركيا لا تريد مهاجمتها.

الهدف التركي هو ضرب العناصر الإرهابية المدعومة كما ذكرنا من واشنطن وحلفائها في المنطقة التي تبيعهم أمريكا عند أول مفترق طرق كما يشهد التاريخ على ذلك، وبالتالي إن رقص الذئب الرمادي على رؤوس الفيلة سيكون الرقص الأنجح خاصة وأنه ذئب محترف في هذا المجال.

لا مفر من العملية العسكرية التركية شرقي الفرات، الأمر نعم ليس سهلا وليس نزهة، ولكن هنا تظهر قوة الحق القادرة على هزيمة أقوى قِوى الظلم والعدوان والعنصرية... وحينها سينتصر الذئب وستتخبط الفيلة لتنهار مفجوعة مصدومة متحوّلة إلى مرتَفعٍ تنظر من خلاله الشعوب المقهورة لمستقبل أكثر إشراقا وأملا.

عن الكاتب

حمزة تكين

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس