حسين يايمان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

كانت الانتخابات التي أحضرت أوزال إلى الحكم عام 1983، أول انتخابات أشهدها في حياتي، كنت في المرحلة الإعدادية، واستمعنا لأخبار الانتخابات عبر الراديو، وكان كنعان إفران قد أشار إلى أنّ استطلاعات الرأي تشير إلى فوز تورقوت صونالب رئيس حزب القوميين الديمقراطي، إلا أنّ اختيار الشعب كان مفاجئا عندما فتحت الصناديق، حيث فاز تورقوت أوزال بنسبة 45% ليشكل الحكومة لوحده.

تابعت بشغف كل الانتخابات بعد انتخابات عام 1983، وبقيت الانتخابات تشغل مركز حياتي السياسية، فقد رأيت بداية أوزال السياسية ونهايته، حيث شكلت وفاة أوزال هزة سياسية كبيرة، ليستلم الحكم سليمان دمرال بعدما استقال من حزب الطريق الصحيح، وهبت بعدها رياح تانسو تشلار السياسية، لكن استخدامه السيء للقروض أطاح به سريعا.

كان عدم الاستقرار السمة الأساسية لسنوات التسعينيات، ودفعت الدولة التركية أثمانا باهظة لذلك، حتى نزل اردوغان إلى الساحة ليعيد بناء الهيكلية السياسية من جديد، حيث قام حزب العدالة والتنمية بثورة صامتة على مدار ثلاثة عشر عاما من الحكم، لتزداد قوة تركيا وثقلها في المنطقة، ولتستعيد أهميتها الجيوسياسية، والآن نحن على أعتاب انتخابات جديدة، لكن شعار الانتخابات والمواضيع التي يتم النقاش فيها مختلفة تماما عن تلك التي كانت سائدة ما قبل اردوغان، حيث كانت الانتخابات تدور حول "الارهاب/العنف، الاقتصاد، الرشاوى، الانقلاب، البطالة"، أما الآن فالأمر مغاير تماما.

تركيا تتحضر مجددا لانتخابات هي الأهم في تاريخها، ويشكل حزب العدالة والتنمية المرشح الأول للفوز في الانتخابات، بينما لا تزال المعارضة في سباتها العميق، وبكل تأكيد سنتابع النتائج سويا ونعيشها معا، لكن قدوم الخميس معروف من يوم الأربعاء.

ما زلنا نرى تنافسا غير سياسي بين الأحزاب برغم قصر المدة الزمنية المتبقية على الانتخابات، والسبب في ذلك فقدان التنافسية، فتفوق حزب العدالة والتنمية السياسي الساحق جعل المعارضة تسلّم بالأمر وتقف عاجزة عن فعل أي شيء، وضعف المعارضة هذا سيؤدي بلا شك إلى ضعف الديمقراطية.

لا يتساءل الشعب عن هوية الحزب الذي سيفوز في الانتخابات المقبلة، بقدر ما يتساءل وينظر بشغف إلى حجم التغييرات التي سيعيشها حزب العدالة والتنمية، وذلك بعد تطبيقه لقاعدة الثلاث فترات والتزامه بها، وما سيحدثه ذلك من تغيير كبير على صعيد الجيل المؤسس، والكل يتابع العدالة والتنمية لمعرفة فيما إذا كان سينجح في تجاوز مرحلة التجديد هذه بدون مشاكل، وكيف سيقوم رئيس الحزب داود أوغلو بكتابة قصة جديدة لحزب العدالة والتنمية.

أما السؤال عن إمكانية تجاوز حزب الشعوب الديمقراطي نسبة الحسم أم لا، فإنه سؤال يتم مناقشته في قواعد حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية، بينما يحتل هذا السؤال كل المشهد لدى حزب الشعوب الديمقراطي ومناصريه، ففي بيوت العزاء وفي الأعراس يسألون بعضهم البعض هذا السؤال، ولا شك أنّ الزمن سيجيب عن هذا السؤال، لكن الأهم هنا هو أنّ نقاش هذا السؤال يحتل مكانة في المجتمع أكثر من الحديث عن حزبي المعارضة الرئيسيين.

وفيما يخص موضوع النظام الرئاسي، فإن تركيا تسير خطوة بعد خطوة نحو النظام الرئاسي، ليصبح هذا الموضوع هو الأهم في الانتخابات القادمة لأول مرة، برغم أنّ اردوغان كان يدافع عنه منذ أنْ أصبح رئيسا لبلدية اسطنبول، وسنرى خلال الأشهر القادمة فيما إذا كنا سننتقل فعليا للنظام الرئاسي أم لا، ولكننا فعليا الآن انتقلنا إلى نظام شبه الرئاسي أو نصف رئاسي، ويجب على المناصرين للنظام الرئاسي أنْ يكونوا جاهزين لمبارزة معارضيه.

نقاشات تركيا الجديدة والدستور الجديد: أصبح موضوع النقاش حول ضرورة إيجاد دستور جديد من أهم الأجندة للانتخابات منذ عام 1991، فكانت الأحزاب تعد الجماهير فيما تعد بإنشاء دستور جديد، ومن الواضح أنّ أهم موضوع ستمثله الانتخابات المقبلة هو الدستور الجديد، لكن هذه المرة لن يُعرض الموضوع لمجرد النقاش، وإنما سيكون بيد المدنيين ليقرروا بأنفسهم وبيدهم خلال الانتخابات المقبلة، ومن المرجح أنْ يشكل الشعب دستوره الجديد بيده.

لا شك أيضا أنّ موضوع التنظيم الموازي ومحاربته سيشغل حيزا لا بأس به في أجندة الانتخابات المقبلة إلى جانب ما ذكرناه في الأعلى.

عن الكاتب

حسين يايمان

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس