ناصر ناصر - خاص ترك برس

اهتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية كغيرها من وسائل الإعلام العالمية بتلقي تركيا منظومة الدفاع الصاروخي "إس 400"، فقد كتب البرفسور تسفي بار إيل على ىسبيل المثال في صحيفة هآرتس وبنبرة لا تخلو من الإحباط والغضب في آن واحد مقالا عنونه "تركيا تلقت من روسيا صواريخ متطورة وأظهرت للعالم أن لا داعي ولا مبرر للخوف من الولايات المتحدة الأمريكية"، فأمريكا ليست نمرا ينبغي الخوف منه.

وأعاد الكاتب في صحيفة هآرتس عرض المعضلة التي تعاني منها أمريكا حيال تنفيذ صفقة "إس 400"، فمن جهة واحدة فإن عقوبات أمريكية على تركيا ستحولها إلى خصم قد ينتقل من دائرة الدول المؤيدة للغرب إلى دائرة التأثير الروسي، ومن جهة ثانية فإن عدم اتخاذ عقوبات حقيقية ضد تركيا سيظهر ترامب وأمريكا أمام تركيا وإيران ودول عربية أخرى فارغة من المضمون ويمكن عدم الخوف منها.

يقلق الكاتب ومعه حكومة إسرائيل من تراجع (الردع الأمريكي) أو من تآكل الهيبة الأمريكية في مقابل صعود دولة إقليمية إسلامية ديموقراطية تتجه نحو التحالف مع الشعوب وحقوقها المشروعة في التنمية والنهضة، فأحد أهم أركان قوة إسرائيل هو بقاء أمريكا قوية ومهابة الجانب، فكأن الكاتب يعتبر وبدرجة عالية من الصحة أن صفقة "إس 400" والموقف الأمريكي منها يمس بالأمن القومي الإسرائيلي، ويضعف مصالح إسرائيل في المنطقة، ولكن من غير المتوقع أن يخرج مسؤول إسرائيلي رسمي ليعلن عن هذا الموقف بشكل صريح وواضح. 

لقد أشار الكاتب في صحيفة هآرتس إلى أن شراء تركيا منظومة "إس 400" يتطلب موقفا أوروبيا مساندا للعقوبات الأمريكية – إن تم فرضها فعلا -  فأوروبا هي أحد المتضررين الأساسيين من الضرر المتوقع لمنظومة الاستخبارات لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، ويبدو أن الكاتب هنا يحرض أوروبا على اتخاذ موقف معادي لتركيا أكثر منه يحلل الموقف الحالي للأوروبيين، وهذا ليس غريبا عن سياق الموقف الإسرائيلي العام من تركيا.

وفي سياق موقف التحريض هذا أشار الكاتب وفي نوع من التحذير للأمريكان إلى أن "طبيعة الرد الأمريكي على تركيا سيكون لها تداعيات على التعاون العسكري بين روسيا وبعض الدول العربية كالسعودية ومصر، هذا التعاون الذي يتضمن بناء مفاعلات نووية لأغراض مدنية وطائرات مقاتلة وغيرها".

أما محرر شؤون الشرق الاوسط لجيروزاليم بوست فقد اعتبر أن الهدف الرئيسي لصفقة "إس 400" ليس هو الحاجة والضرورة الاستراتيجية لتركيا، إنما سعي تركيا لمزيد من النفوذ في سوريا من خلال زيادة تأثيرها على القرار الروسي هناك، وهو تحليل لنوايا تركيا الغيبية أكثر منه تحليل سياسي واستراتيجي لموقفها.

وفي مقابل هذا اختارت صحيفة يديعوت أحرنوت وعلى لسان مراسلها في موسكو يائير نافوت أن تعرض زاوية نظر وتحليل غريبة نسبيا، حيث استعرض الكاتب بداية مدى حجم التحذيرات الأمريكية ومحاولاتها الحثيثة لإقناع تركيا بالتخلي عن صفقة "إس 400"، إلا أنه تم تنفيذ الصفقة رغم ذلك، ثم استنتج الكاتب بعد ذلك وبشكل مفاجىء أن بطل القصة أو الرابح الأكبر – كما أطلق عليه – هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين! 

وبين حقيقة فوائد بوتين من الصفقة وبين جعله الرابح الاكبر حتى من تركيا وأمنها القومي بون شاسع تجاوزه الكاتب إرضاءً للعاصمة التي يكتب منها فيما يبدو أو تجنبا لمن يكره الإسرائيليون إصراره وثباته الرئيس رجب طيب أردوغان.

عن الكاتب

ناصر ناصر

أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، طالب دكتوراه علوم سياسية وله قناة تلغرام تنشر ترجمات يومية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس