نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

بعد هزيمة داعش في سوريا أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيسحب قواته، وهذا الإعلان فاجأ الجميع. اتضح أنه ليس هناك خطة أخرى، ليس لدى البلدان المعنية بسوريا فحسب، بل المؤسسات الأمريكية أيضًا.

رأت تركيا أن هذا القرار يمكن أن يخلق فرصة أمام تطورات جديدة وهامة. أما الاعتراض الأكبر على القرار فجاء من قيادة القوات المركزية الأمريكية المسؤولة عن العمليات في الشرق الأوسط وسوريا. 

بدأت القيادة مبادرات بهدف تخفيف وطأة القرار المفاجئ على خططها، حيث سرّعت تأسيس نظام يوطد النفوذ الأمريكي في سوريا، وأقدمت على حملات لكسب الوقت اللازم. 

أخذت تقدم الدعم لقوات سوريا الديمقراطية، ذراع تنظيم "بي كي كي"، بهدف زيادة قدراتها العسكرية والاقتصادية والسياسية، عقب الانسحاب المحتمل، وشرعت بمبادرات دبلوماسية لإبعاد تركيا عن المنطقة. عُين السفير جيمس جيفري على رأس هذه المهمة. 

فكر الجانب الأمريكي أولًا في كيفية الحيلولة دون عملية عسكرية تركية في شرق الفرات، واعتبر أن بالإمكان سحب قوات سوريا الديمقراطية إلى الجنوب لمسافة معينة عن الحدود التركية وإقناع قيادة تنظيم "بي كي كي" بهذه الخطوة. 

بذلك ستزول المخاوف الأمنية لتركيا خصوصًا على الحدود مع سوريا. كما أن بالإمكان نشر قوات بلد آخر جنوب الشريط الفاصل وبالتالي الحيلولة تمامًا دون وقوع قتال قريب. 

بيد أن فرنسا وافقت على مضض على هذا الاقتراح، فيما أعلنت بريطانيا عن ترحيبها بهذا المقترح لكنها ستتابع المستجدات، وقالت ألمانيا إنها لن تشارك في هذا التحرك. 

مع أن الجانب الأمريكي يزعم في تصريحاته الرسمية أن قوات سوريا الديمقراطية شيء و"بي كي كي" شيء آخر، إلا أنه يعلم بأن قرار انسحاب قوات سوريا الديمقراطية إلى الحدود ستتخذه قيادات "بي كي كي". 

الصعوبة في الأمر هي أن "بي كي كي" يعتبر وجوده في سوريا فرصة تاريخية ونجاح تحقق دون وجود أوجلان، ولذلك لا يريد التراجع، ويبحث عن مشروعية لمكاسبه. 

من الواضح، في الوقت الراهن، أن واشنطن فشلت في إقناع تركيا و"بي كي كي" على حد سواء. فالتنظيم لم يكتفِ بمعارضة خطة تركيا بخصوص سوريا وحسب، بل أخذ يتحرك بشكل مستقل عن الولايات المتحدة. 

أبرز مؤشر على ذلك هو هجوم التنظيم على القنصلية التركية في أربيل. هذا ما يشير إلى فشل الولايات المتحدة في العثور على طريق وسط، وإلى زيادة احتمال تحرك تركيا من جانب واحد. 

قد تعتبر تركيا كل ذلك "ضوءًا أخضر" من أجل عملية عسكرية محتملة في سوريا. لكن بالنظر لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وتعقد الملف السوري، وكون ترامب زعيمًا لا يمكن توقع قراراته، فإن الضوء الأخضر قد يتحول إلى لون آخر في آي لحظة.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس