ترك برس

سلّط تقرير لوكالة الأناضول التركية الضوء على حديث بعض الوسائل الإعلامية الليبية عن مشاركة مجموعة من المرتزقة الروس في القتال بجانب اللواء المتقاعد في ليبيا خليفة حفتر، لمهاجمة العاصمة طرابلس وحكومة الوفاق المعترف بها دوليًا.

وأشار التقرير إلى أن إعلان قوات الوفاق قضاءها على 7 مرتزقة جنوب طرابلس، استعان بهم حفتر، في إطلاق قذائف مدفعية على العاصمة، "أعاد تسليط الضوء على مجموعة فاغنر الروسية، ودورها في الحرب الدائرة في أغنى بلد إفريقي بالنفط".

وأوضح أنه رغم أن قوات الوفاق، المعترف بها دوليا، لم تحدد جنسية المرتزقة الذين تم استهداف غرفة عملياتهم في بلدة سوق السبت، الواقعة جنوب مطار طرابلس القديم، في 9 سبتمبر/ أيلول الجاري، إلا أن وسائل إعلام محلية تحدثت أنهم من أوروبا الشرقية، وتحديدا من روسيا وأوكرانيا.

وبحسب الوكالة، فإن هذه المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن وجود مرتزقة روس خلف خطوط القتال جنوبي طرابلس، يعتقد أنهم ينتمون إلى شركة "فاغنر" الأمنية الخاصة.

حيث أشار الناطق باسم مكتب الإعلام الحربي التابع لعملية "بركان الغضب" عبد المالك المدني، في حديث لموقع "عربي 21"، أن "كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة، وأعدادا كبيرة من عناصر حفتر، ومرتزقة من روسيا، وأوكرانيا، وفرنسا، توجهوا الإثنين (9 سبتمبر) من مطار بني الوليد (180 كلم جنوب شرق طرابلس)، صوب مدينة ترهونة، القريبة من طرابلس (90 كلم جنوب شرق)، في إطار تعزيز محاور القتال على الجبهات".

وتابع التقرير: إلى غاية الأيام العشرة الأولى من سبتمبر الجاري، لم يرشح أي خبر عن مشاركة مرتزقة "فاغنر" في القتال ضد حكومة الوفاق، فالدور الأساسي الذي كانت تقوم به الشركة الأمنية لحساب حفتر، تدريب قواته وتزويدها بأسلحة متوسطة وثقيلة، على غرار المدافع والدبابات والطائرات المسيرة، فضلا عن الجانب الاستخباري والحرب الإعلامية.

لكن إعلان قوات الوفاق، أنها تمكنت من القضاء على 7 عناصر من المرتزقة الأجانب خلال قصفها غرفة عمليات لقوات حفتر بمنطقة سوق السبت، بقصر بن غشير (الضاحية الجنوبية لطرابلس)، يعكس أن مرتزقة "فاغنر" أصبحوا يلعبون أدوارا أكبر في قيادة العمليات ضد حكومة الوفاق، تتجاوز التدريب والاستشارات وبيع الأسلحة، وإدارة الحرب الإعلامية.

حيث أوضح محمد قنونو، الناطق باسم قوات الوفاق، أن "هذه المرة الثانية في أقل من أسبوع، التي يستهدف فيها سلاح الجو قوة أجنبية، بعد استهداف غرفة عمليات بمنطقة سوق السبت بقصر بن غشير، ما أدى إلى مصرع 7 من المرتزقة، الذين استعان بهم مجرم الحرب (حفتر) في إطلاق قذائف الهاوزر على أحياء العاصمة".

وليس واضحا عدد المرتزقة الروس والأوكرانيين المشاركين في القتال جنوبي طرابلس، لكن سبق أن ذكرت وسائل إعلام غربية، أنه تم رصد 300 مرتزق تابعين لـ "فاغنر"، في مارس/ آذار 2019، في ميناءي طبرق ودرنة.

وقبلها في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، عندما تحدثت تقارير صحفية عن إرسال روسيا عشرات من أفراد القوات الخاصة والمدربين العسكريين لدعم قوات حفتر، وتدريبها وإمدادها بالأسلحة، وهو أمر عادة ما تنفيه موسكو.

وهذا يعني أن "فاغنر" أرسلت عشرات وربما مئات من عناصرها إلى جبهات القتال في طرابلس، انطلاقا من الموانئ الكبرى في شرق ليبيا (طبرق، درنة، بنغازي)، وهو عدد كبير، خاصة إذا علمنا أنها توظف نحو 2500 مرتزق، أغلبهم عسكريون سابقون في روسيا.

ولم يرشح الكثير عن نشاط "فاغنر" في طرابلس، نظرا لطابعها السري، كما أن قوات حكومة الوفاق، ما زالت تحافظ على "شعرة معاوية" في تعاملاتها مع موسكو، ما يفسر ترددها في الكشف عن جنسية المرتزقة الذين تم القضاء عليهم في سوق السبت، التي لا تبعد سوى نحو 35 كلم عن وسط العاصمة.

وبحسب ما أعلنته قوات الوفاق، فإن هؤلاء المرتزقة قتلوا عندما استهدف طيران الوفاق غرفة عمليات قوات حفتر في المنطقة، ما يعني أن عناصر "فاغنر"، ومعهم مرتزقة أوكرانيون وفرنسيون، يشاركون في التخطيط وإدارة العمليات الحربية ضد قوات الوفاق جنوب طرابلس.

كما أشارت إلى أن حفتر، يستعين بهؤلاء المرتزقة في إطلاق قذائف مدافع الهاوتزر، ما يعني أن مهامهم تجاوزت التخطيط والتدريب إلى المشاركة فعليا في قصف طرابلس بقذائف المدفعية.

والغريب في الأمر اجتماع مرتزقة روس مع عساكر فرنسيين في دعم حفتر، رغم التنافس القائم بين الغرب ومنهم فرنسا مع روسيا، للسيطرة على الموارد النفطية، واستثمارات إعادة بناء البلاد بعد انتهاء الحرب، إلا أن مصالح البلدين تقاطعت عند حفتر.

ورغم أن تورط باريس كان واضحا منذ مقتل ثلاثة جنود فرنسيين قرب مدينة بنغازي، عقب إسقاط سرايا الدفاع عن بنغازي، طائرة عمودية كانوا على متنها، في يوليو/ تموز 2016، وكذلك العثور على صواريخ جافلين المضادة للدروع بمدينة غريان (100 كلم جنوب طرابلس) في 26 يونيو/ حزيران 2019، أقرت باريس أن ملكيتها تعود لها، غير أن المشاركة الروسية في القتال بطرابلس ما زالت غير معلنة، ربما لأنها غير رسمية وتتم عبر شركة أمنية، ترفض موسكو الإقرار بتبعيتها لها، حيث لم تعلن إلى اليوم مقتل أي من مواطنيها في طرابلس.

رغم أن الدعم الروسي لحفتر، برز أكثر وبشكل استعراضي، عندما رست حاملة الطائرات الروسية "الأميرال كوزنيتسوف"، قبالة ميناء طبرق (شرقي ليبيا) في يناير/ كانون الثاني 2017، حيث اجتمع حفتر مع رئيس أركان الجيش الروسي فاليري غيراسيموف، وأجرى مباحثات مع وزير الدفاع سيرغي شويغو، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، في ظل طلبات اللواء المتقاعد بتزويد قواته بأسلحة نوعية.

ورغم أن موسكو تنفي باستمرار دعمها لقوات حفتر، أو تزويدها بأي أسلحة احتراما لقرارات مجلس الأمن التي تحظر بيع الأسلحة، إلا أن تواتر نشاط مرتزقة "فاغنر" في ليبيا، قد يزيد حدة الصراع بين روسيا والغرب، خصوصا وأن دولا أوروبية وعلى رأسها إيطاليا، تعتبر ليبيا حديقتها الخلفية، ومصدرا مهما للنفط والغاز، كما تشكل تهديدا على أمنها القومي بسبب موجات الهجرة غير النظامية من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

لذلك فتواجد مرتزقة روس في ليبيا، سيجعل الأخيرة ورقة في يد موسكو، قد تستخدمها في صراعها مع الغرب، ما قد يؤدي إلى تأزيم النزاع في هذا البلد المغاربي، كلما اشتد الصراع الدولي على كعكة النفط وإعادة الإعمار.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!