أوزان جيهون - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

اليوم بالنسبة إلى معظم العالم المسيحي هو يوم ذو مغزى كبير. ستبدأ العائلات المسيحية الليلة الاحتفال بعيد ميلاد المسيح تحت أشجار الصنوبر التي زينوها، ويتبادلون الهدايا، وسيحضرون القداس في الكنائس وسيصلون من أجل عالم أفضل ومن أجل السلام والطمأنينة والصحة الجيدة.

لدينا نحن أيضا الأمنية نفسها، فنجن ندعو من أعماق قلوبنا قائلين : تقبل الله هذه الصلوات".

لكن الحقيقة مريرة.

بينما يستمتع الناس خاصة في أوروبا، بعيد الميلاد وسط أشجار الصنوبر المزخرفة والمزينة بالهدايا في منازلهم، في المدن المتلألئة والأضواء التي تزين النوافذ والحدائق، فإن الناس في سوريا يحاولون الفرار من الموت في البرد نجاة بحياتهم.

بينما تدق أجراس الكنائس في أوروبا في عيد الميلاد، سيحاول الناس في سوريا الوصول إلى تركيا على طول الممرات المظلمة.

إذا لم يتمكنوا من الفرار، فستحرقهم البراميل المتفجرة التي تلقيها قوات ديكتاتور سوريا الدموي. دمرت إدلب المدينة التي كانوا يعيشون فيها، ولم يعد هناك ماء ولا كهرباء ولا الغاز. ورغم ذلك كله قاوموا الانسحاب من منازلهم، لكنهم الآن يغادرون إدلب لتأمين آخر ما يملكون: حياتهم.

ولأن العالم، بدءًا من أوروبا، تركهم وحدهم، فإن عليهم الآن الهروب من إدلب، وأن يحاولوا الوصول إلى المنطقة الآمنة على طول الحدود مع تركيا البلد الوحيد الذي يدعم المضطهدين في سوريا. ليس لديهم أي خيار آخر.

ستحاول أوروبا التي اكتفت بمشاهدة ما كان يحدث في سوريا، وخاصة في إدلب، بذل كل ما في وسعها لعدم استقبال هؤلاء اللاجئين الذين استطاعوا بالكاد النجاة بأرواحهم .

عندما اقترح رئيس حزب الخضر في ألمانيا "أن تستقبل ألمانيا على الأقل الأطفال الموجودين في اليونان" فُتحت عليه أبواب الجحيم، ورد وزير الشؤون الداخلية الألماني بقوله: "يجب علينا تحسين الظروف في اليونان" - خلال موسم عيد الميلاد!

أدلى الرئيس التركي بتصريح آخر يوم الأحد، قال فيه إن أكثر من 80.000 لاجئ ينزحون إلى الحدود التركية من إدلب. وقال الرئيس رجب طيب أردوغان، داعيا الدول الأوروبية إلى تقديم المساعدة: "بسبب المذبحة الأخيرة في إدلب، حيث يعيش أكثر من 4 ملايين شخص، بدأت حركات نزوح أخرى من هذه المناطق. بدأ أكثر من 80.000 من إخواننا الذين يفرون من القصف في التوجه إلى حدودنا. إذا لم يتوقف العنف ضد أهالي إدلب، فإن هذا الرقم سيرتفع. في مثل هذه الظروف، لن تتحمل تركيا عبء مثل هذه الهجرة وحدها".

ذكّر الرئيس التركي مرة أخرى بمدى خطورة الوضع، قائلا: "سنواصل التوجه خصوصًا للدول الغربية الغنية، بأن البحر قد جف، ولن يصبح بإمكانهم الهروب من مشكلة اللاجئين".

نعم، لا ينبغي لأحد أن يثق في تركيا بعد الآن لعرقلة تدفق اللاجئين. لقد بذلت تركيا كل ما في وسعها في حالة اللاجئين.

لم يعد لدى تركيا مساحة أو أموال لاستقبال المزيد من اللاجئين. تركيا التي شهدت اتساع نطاق هذه القضية في نهاية المطاف قبل سنوات، أنشأت مناطق آمنة في شمال سوريا لهؤلاء اللاجئين بعد أن شنت عمليات ضد المنظمات الإرهابية. وقضت على تنظيم داعش في هذه المناطق.

وبينما كانت تركيا تقاتل تنظيم "ي ب ك" الفرع السوري للبي كي كي، انتقدت بعض الدول الغربية تركيا ظلمًا، بل أن بعض تلك الدول دعم هذه المنظمة الإرهابية بعدم تصنيفها تنظيما إرهابيا.

ورغم ذلك، حاربت تركيا بعزم تنظيم بي كي كي، و"ي ب ك" وطردتهما من شمال سوريا. وبفضل هذا التحرك يستطيع أكثر من مليون لاجئ العيش على طول الحدود التركية دون التعرض للهجوم. ومع ذلك، فإن الظروف المعيشية قاسية وهناك حاجة إلى مساعدات الطوارئ في فصل الشتاء القارس.

بدءًا من الاتحاد الأوروبي، يتعين على جميع الدول الأوروبية مساعدة اللاجئين السوريين الذين يعيشون على طول الحدود التركية. يبذل الهلال الأحمر التركي قصارى جهده، ولكن ،هناك حاجة إلى المزيد من المساعدات. 

إذا كان الأوروبيون قادرين على الاحتفال بعيد الميلاد في سلام في برلين وباريس وفيينا وكوبنهاجن وبرن وبراغ والعديد من المدن الأخرى، فلا ينبغي أن ينسوا أن هذا كله بفضل تركيا.

إذا لم تكن المناطق الآمنة التي أنشأتها تركيا قائمة، فإن ما لا يقل عن مليون لاجئ سيكونون على عتبة أوروبا.

نرى أن من الضروري التذكير بهذا الواقع خلال صلوات ليلة عيد الميلاد.

عن الكاتب

أوزان جيهون

نائب في البرلمان الأوروبي للدورتين الرابعة والخامسة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس