ترك برس 

اعتبر محللون سياسيون أن السياسة الخارجية التي تتبعها تركيا في منطقة البحر المتوسط، مثل اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، يمكن أن تحرم اليونان وقبرص من جميع عمليات الاستحواذ في المنطقة. 

وفي مطلع الشهر الحالي، وافقت اليونان وقبرص وإسرائيل على بناء خط أنابيب شرق المتوسط "إيست ميد" لنقل الغاز الطبيعي من حقل "ليفياتان" الإسرائيلي وحقل "أفروديت" في قبرص إلى اليونان ثم إلى إيطاليا ومنطقة البلقان.

وقال الصحفي التركي والمحلل السياسي صفا كارا حسن لموقع سبوتنيك إن القبارصة اليونانيين يشعرون بقلق بالغ إزاء السياسة الخارجية الاستباقية لتركيا، والتي تعمل على تغيير ميزان القوى الحالي في المنطقة.

ووفقًا للمحلل السياسي: "فإن الاتفاق المبرم بين اليونان وإسرائيل وقبرص بشأن بناء خط أنابيب غاز إيست ميد "هو نتيجة قلق هذه البلدان ورغبتها في اتخاذ خطوات دبلوماسية ضد تركيا، الأمر الذي أدى إلى تفكيكها فعليًا بموجب اتفاقها مع ليبيا".

وأشار كارا حسن إلى أن تنفيذ مشروع خط أنابيب غاز إيست ميد أمر غير مرجح للغاية، والبلدان التي تدعم هذا المشروع تدرك ذلك.

وأوضح بالقول: "تعرف كل من إسرائيل وجنوب قبرص واليونان أن فرصة تنفيذ هذا المشروع ضئيلة. يرتبط الاحتفال العاجل بتوقيع اتفاقية خط أنابيب إيست ميد برغبة هذه البلدان في الاستجابة بشكل واضح لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية".

وأضاف أن إيطاليا أدركت عدم فائدة هذا المشروع، ولذلك لم تشارك في حفل التوقيع. 

وأردف أن مشروع إيست ميد يتطلب استثمارات بقيمة 15-20 مليار دولار ليدر دخلا بقيمة 10 مليارات دولار. و"عندما يتغير ميزان القوى بفعالية في شرق البحر الأبيض المتوسط ​، فإن احتمال تنفيذه هو صفر تقريبًا".

ووفقا لوصف حسن، لم يكن بإمكان أي دولة في المنطقة توقع ما أقدمت عليه تركيا في ليبيا. 

وقال: "من الواضح أنه بعد توقيع اتفاقية مع ليبيا، غيرت تركيا تغييرًا جذريًا في تحالف القوى في شرق البحر المتوسط ، ووجهت ضربة اللاعبين الإقليميين. يحاول القبارصة اليونانيون اتخاذ بعض الخطوات مع إسرائيل ومصر، التي تربطها علاقات متوترة مع تركيا".

وأشار حسن إلى أن أنقرة من خلال الاتفاق التدريجي مع بلدان أخرى في المنطقة، ستواصل العملية التي أطلقتها باتفاقها مع ليبيا. وقد تحرم الخطوات الدبلوماسية التي ستتخذها تركيا الجزء اليوناني من قبرص واليونان من مواقعهم وعمليات الاستحواذ الحالية في المنطقة.

كما لفت إلى أن الخلافات بين إسرائيل وجمهورية جنوب قبرص اليونانية لا تزال مستمرة بشأن حقوق تشغيل حقل أفروديت.

وقال:" في ضوء هذا الموقف، إذا تمكنت تركيا من التغلب على التوترات مع دول المنطقة، فستتاح لها الفرصة لاتخاذ موقف مختلف تمامًا في المنطقة."

بدوره، أشار فاروق لوغ أوغلو، وهو دبلوماسي سابق وسفير تركي سابق في واشنطن، إلى أنه "على الرغم من أهمية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية، فإن هذه الخطوة التي وصفها بالمتأخرة يجب أن تستكمل ليس على الجانب العسكري فقط، ولكن بعنصر دبلوماسي أيضا".

ولهذا السبب، رأى لوغ أوغلو أن تبدأ تركيا في الدخول في مفاوضات مع دول المنطقة في أقرب وقت ممكن، بدءًا من مصر.

وقال أوغلو: "إن تركيا اضطرت لاستخدام القوة العسكرية لحماية حقوقها، لأنها لم تستخدم الأساليب الدبلوماسية. ولذلك، فإن الأمر يستحق البدء في إقامة علاقات مع مصر وإسرائيل".

وأضاف أن "الفرص التي يمكن أن توفرها تركيا لدول شرق البحر المتوسط، تفوق بكثير الموارد التي يمكن أن تقدمها اليونان وجنوب قبرص. وإذا أدركت تركيا ذلك، فستكون قادرة على حماية حقوقها ومصالحها من خلال الدبلوماسية، وليس بالقوة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!