ترك برس-الأناضول

بعد مرور ثلاثة أعوام على عملية "غصن الزيتون" التي أطلقتها تركيا لتطهير مدينة عفرين السورية من الإرهاب، تحسنت الأوضاع الأمنية والصحية والتعليمية في المنطقة، ولا يزال سكان المدينة ينعمون بمناخ الأمن والاستقرار الذي حققته العملية.

وفي مثل هذا اليوم قبل 3 أعوام، أطلقت القوات المسلحة التركية بالتعاون مع الجيش الوطني السوري عملية "غصن الزيتون" في مدينة عفرين شمال غربي سوريا، بهدف تطهيرها من إرهابيي تنظيم "بي كا كا/ ي ب ك".

ففي 20 يناير/ كانون ثاني 2018، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، انطلاق العملية، وبدأت 72 مقاتلة تركية - ترمز إلى عدد شهداء عملية "درع الفرات" - في قصف مواقع للتنظيم الإرهابي في تمام الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي لتركيا.

وخلال العملية حارب الجنود الأتراك جنباً إلى جنب مع عناصر الجيش الوطني السوري في ظروف مناخية قاسية وتضاريس وعرة ضد حوالي 10 آلاف إرهابي من "بي كا كا/ ي ب ك" كانوا متمركزين في عفرين منذ سنوات.

وبينما كان أفراد الجيشان التركي والوطني السوري يبذلون أقصى جهد ويحرصون على سلامة المدنيين كان عناصر التنظيم الإرهابي يتخذون المدنيين دروعا بشرية في المناطق التي يحتلونها بهدف عرقلة العملية.

** أهم النقاط المفصلية في العملية

كانت السيطرة على جبل "بورصايا" الاستراتيجي ببلدة شيران في 28 يناير 2018، من أهم النقاط المفصلية في عملية "غصن الزيتون".

وفي الأول من فبراير/ شباط 2018 تمكنت القوات التركية وقوات الجيش الوطني السوري من تطهير مركز بلدة بلبل من الإرهابيين.

وفي 3 مارس/ آذار تم تطهير مركز بلدة راجو، وفي اليوم التالي طهرت القوات مركز بلدة شيخ الحديد، ثم بلدة شيران في 6 مارس، وبعد يومين تم تطهير مركز بلدة جنديرس الاستراتيجية.

وفي كلمة له في 18 مارس، بمناسبة يوم الشهيد والذكرى الـ 103 لانتصار جناق قلعة، زف أردوغان بشرى نجاح القوات التركية والجيش الوطني السوري في تحرير مدينة عفرين من إرهابيي "بي كا كا/ ي ب ك".

وآنذاك، قال الرئيس التركي: "أودّ أن أبشركم بأن قواتنا المسلحة بالتعاون مع الجيش السوري الحر، بسطت سيطرتها على مركز مدينة عفرين هذا الصباح في تمام الساعة 08:30 (بالتوقيت المحلي".

وفي اليوم الذي تمت فيه السيطرة على مركز مدينة عفرين، سيطرت قوات "غصن الزيتون" على مركز بلدة معبطلي، آخر معاقل الإرهابيين في عفرين.

** عدد سكان المنطقة وصل 350 ألف نسمة

ومع انتهاء العملية عقب تطهير مركز عفرين من الإرهاب كانت القوات التركية والجيش الوطني السوري قد حررت مراكز 6 بلدات و282 قرية و6 مزارع و23 جبل وتل وسد مائي واحد، بالإضافة إلى 50 نقطة استراتيجية، من قبضة تنظيم "بي كا كا/ ي ب ك" الإرهابي.

وعقب تطهير المنطقة، سارعت هيئات ومنظمات الإغاثة التركية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المأهولة بالسكان في عفرين.

ومع استتباب الأمن في المنطقة بفضل العملية، بدأت عودة المدنيين إلى ديارهم في 20 مارس 2018، ووصل عدد سكان عفرين خلال عام إلى 350 ألف نسمة.

** تشكيل المجالس المحلية

كانت أولوية قوات "غصن الزيتون" في عفرين هي ضمان الأمن وإعادة الحياة إلى طبيعتها بالمنطقة لتسهيل عودة المدنيين إلى منازلهم.

وخلال عمليات التمشيط تم العثور على العديد من الأنفاق والخنادق والمتفجرات والألغام التي زرعها الإرهابيون وتم تفكيكها.

وعقب السيطرة على مركز عفرين تم تشكيل 7 مجالس محلية لإدارة شؤون مدينة عفرين وبلداتها، وبدأت المجالس في خدمة المدينة.

ومن أجل عودة الحياة إلى طبيعتها بالمنطقة قدمت تركيا من خلال المجالس المحلية مساعدات ودعم لأهالي المنطقة في مجالات الصحة والتعليم والصناعة والتجارة والثقافة والرياضة.

** دعم كبير في قطاعي الصحة والتعليم

وبالإضافة إلى ما سبق، ما زالت تقدم تركيا دعما كبيراً للمنطقة في مجالي الصحة والتعليم خصوصاً.

وعقب نجاح العملية تم إعادة تفعيل "مستشفى الشفاء" الذي يتسع لمئة سرير ويحتوي على 13 قسما بما في ذلك الجراحة التجميلية، ويقدم الخدمات الطبية بالمجان، بدعم من تركيا.

وإلى جانب 5 مستشفيات بمركز المدينة تقدم 6 مراكز صحية خدماتها بالمجان لأهالي المنطقة.

وفي مجال التعليم، تم إلغاء نظام التعليم الذي فرضه إرهابيو "بي كا كا/ ي ب ك" في المدارس، وتم البدء في تدريس مناهج حددتها الحكومة المؤقتة التي شكلتها المعارضة السورية.

وبمرسوم رئاسي من الرئيس أردوغان، تم تأسيس "كلية التربية" بعفرين في مركز المدينة، وتتبع "جامعة غازي عنتاب" التركية، إضافة إلى افتتاح مجمع رياضي ومركز ثقافي.

وعاد حوالي 65 ألف طالب لمواصلة حياتهم التعليمية في 263 مدرسة بمركز عفرين والبلدات المجاورة، كما تم ترميم وافتتاح 135 مسجدا في المنطقة.

** تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة

وفي تصريحات للأناضول، قال محمد شيخ راشد، نائب رئيس المجلس المحلي بعفرين، إن الاستقرار والأمن يسودان منطقة "غصن الزيتون" والأهالي يواصلون حياتهم في سلام ورخاء.

وأضاف راشد أن تركيا لم تترك أهالي عفرين وحدهم.

من جانبه، قال محمد عبود، من أهالي المنطقة، إنه شعر بالأمان عقب تطهير المدينة من إرهابيي بي كا كا/ ي ب ك.

وأضاف للأناضول، أنهم تخلصوا من التجنيد القسري الذي كان يفرضه التنظيم الإرهابي عليهم، ومن المناهج التعليمية التي فرضها في المدارس.

وأشار عبود إلى وجود حوالي 30 منظمة وهيئة لتقديم المساعدات في عفرين وأنها تلبي كل احتياجات السكان.

** نشكر تركيا على وقوفها بجوارنا

أما لقمان أبو ذر، أحد سكان عفرين من الأكراد، فقال إن المنطقة نعمت بالأمن عقب تطهيرها من الإرهاب وإن المجالس المحلية التي تأسست تجتهد لخدمة المواطنين.

وتابع: "خلال تلك الفترة حدثت تطورات مهمة ومفرحة لنا في مجالي الصحة والتعليم. وأتيحت الفرصة لأبنائنا لمواصلة تعليمهم في كلية التربية التي افتتحتها في عفرين جامعة غازي عنتاب التركية".

وأضاف قائلا: "كما تم ترميم المدارس وافتتحت من جديد، نشكر تركيا من أعماق قلوبنا على دعمها لنا ووقوفها لجوارنا".

** معاناة الأكراد بسبب التنظيم الإرهابي

المواطن الكردي آزاد عثمان، من سكان عفرين، قال إن التنظيم الإرهابي جند مئات الشباب قسرياً قبل عملية "غصن الزيتون".

وأضاف للأناضول، أن التنظيم الإرهابي إلى جانب استخدامه المدنيين دروعاً بشرية زرع حوالي 10 آلاف لغم في الأماكن التي يستخدمها المدنيون، وأن الكثير من المدنيين لقوا مصرعهم بسبب تلك الألغام.

وأشار عثمان إلى أن الأكراد في المنطقة عانوا كثيراً بسبب تنظيم "بي كا كا/ ي ب ك" الإرهابي الذي تسبب في فُرقة بين الأكراد والعرب وأجبر الكثيرين على النزوح وترك المنطقة.

واستطرد: "شهدت المنطقة تطوراً كبيرا عقب العملية في الصحة والتعليم والبنية والتحتية، ووصلت الكهرباء والمياه لمنازلنا، كما أن شبابنا الآن يمارسون الرياضة في المنشآت الرياضية التي أسستها تركيا".

وختم قائلا: "نشكر تركيا والشعب التركي كثيراً على دعمهم لنا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!