ترك برس

انتقدت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أداء البلدان الأوروبية، في إدارة الأزمة الليبية، وأنها لم تستطع أن تكون لاعباً أساسياً في مجريات الأحداث بهذا البلد رغم أهميته بالنسبة لها، وسط توقعات منها بأن يتواصل الوجود العسكري التركي في البلد الإفريقي، خلال المرحلة المقبلة.

جاء ذلك في مقال للكاتب رينو جيرار، أشار فيه إلى أن فرنسا وحرصا منها على الانضمام إلى عربة "الربيع العربي" كانت سباقة في الدفاع عن الثوار الليبيين سياسياً، ثم عسكرياً.

وأضاف الكاتب أن الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي قرر التدخل عسكريا لينضم له بعد ذلك رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ثم الرئيس الأميركي بارك أوباما تحت غطاء حلف شمال الأطلسي "ناتو".

وبحسب الكاتب استخدمت فرنسا قاذفات القنابل لوقف تقدم لواء القذافي المدرع الذي كان في طريقه نحو بنغازي، لكن ساركوزي واجه شكوكا من الحكومتين الألمانية والإيطالية.

ولإلقاء الضوء على سبب تلك الشكوك، يقول الكاتب إن المؤكد أن القذافي كان دكتاتورا قاسيا لا يرحم خصومه، لكن كانت له، في نظر العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين، 3 مزايا مهمة. ففي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تخلى عن ميوله الثورية للاقتراب اقتصاديًا وإستراتيجيًا من الغرب، وكان قد وافق على التخلي عن برنامجه النووي، ثم إنه كان عنيدًا مع الإسلاميين ولم يكن ليسمح أبدًا بجزء من الأراضي الليبية ليكون ملاذًا للجهاديين. وأخيراً، كان يتعاون مع الاتحاد الأوروبي في حربه ضد المتاجرين بالبشر.

ويضيف المقال بأن العاصمة طرابلس سقطت دون إراقة للدماء بأيدي الثوار في أغسطس/آب 2011، وقتل القذافي في أكتوبر/تشرين الأول أثناء فراره من سرت جنوبًا، بحسب ما نقله تقرير لـ "الجزيرة نت."

واستعرض الأحداث التي تلت ذلك، حيث نجح المجلس الوطني الانتقالي في تنظيم انتخابات حرة في يوليو/تموز 2012، ليتم انتخاب المؤتمر الوطني العام.

لكن الكاتب قال إن الديمقراطية لا يمكن أن تنجح في بلد لا يتفق الفاعلون السياسيون فيه على اللعبة، وهو ما لم يتوفر في الجماعات المسلحة التي أطاحت بالقذافي إذ أظهرت أنها لا تهتم بالديمقراطية، وأن ما يشغل بالها هو القوة والإثراء تحت تهديد السلاح، فمستقبل القبيلة هو ما يهمهم لا مستقبل الأمة، وهو ما تجلى في يوليو/تموز 2013، عندما سيطرت جماعات مسلحة على المنشآت النفطية لتسود الفوضى في البلاد بعد ذلك.

وانتقل إلى وصف ما وصل إليه الحال بعد ذلك، إذ تشكلت كتلتان: واحدة في طرابلس تحت إمرة حكومة الوفاق الوطني، والأخرى في برقة تحت قيادة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وتدخل لاعبون دوليون لدعم هذا الطرف أو ذاك من أهمهم روسيا والإمارات ومصر وتركيا.

كما أصبحت ليبيا نقطة انطلاق كبيرة للهجرة الأفريقية غير النظامية إلى القارة الأوروبية.

ومنذ أوائل فبراير/شباط 2021، تم تعيين حكومة انتقالية برئاسة رجل الأعمال الثري عبد الحميد الدبيبة، الذي لعب بالفعل دورًا مهمًا زمن القذافي، وقد عهد إليها تنظيم الانتخابات، على أن يتم ذلك قبل 24 ديسمبر/كانون الأول من العام الحالي.

وقال الكاتب إن فرص أن تحقق هذه الانتخابات الاستقرار وسيادة القانون التي تحتاجها ليبيا ضئيلة للغاية، وتقابلها فرص قوية جدًا لاحتفاظ تركيا وروسيا (اللتين ربما أبرمتا صفقة سرا) على قواعدهما العسكرية هناك، من أجل زيادة سيطرتهما على شرق البحر المتوسط.

وختم المقال بأن مصر تود صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب برحيل جميع القوات الأجنبية من ليبيا، فهل سيتمكن الفرنسيون من الحصول على ما تريده القاهرة؟ وهنا يلفت إلى أن ذلك سيمثل، إن تم، الخطوة الأولى في إعادة البناء السياسي لبلد "ساعد الفرنسيون، للأسف الشديد، في تدميره".

وأعلنت تركيا وليبيا، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عن توقيع مذكرتي تفاهم، الأولى حول التعاون الأمني والعسكري، والثانية بشأن تحديد مناطق النفوذ البحرية، تهدف إلى حماية حقوق البلدين النابعة من القانون الدولي، في خطوة اعتُبرت مكسباً لسياسات أنقرة في شرقي البحر المتوسط.

وقبل أيام، أشاد رئيس الحكومة الليبية المكلف عبد الحميد دبيبة، بالعلاقات "المتميزة" بين بلاده وتركيا، مؤكدا أن حكومته ستدعم الشراكة الاقتصادية مع أنقرة، وستلتزم بالاتفاقية البحرية الموقعة بين البلدين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!