ترك برس

عقب الرسائل الإيجابية المتبادلة بين الساسة في تركيا ومصر، واللقاء الذي انعقد بين مسؤولي وزارة الخارجية للبلدين، باتت الأنظار تتجه إلى انعكاسات التقارب بين أنقرة والقاهرة، على الساحة الإقليمية والدولية، وبالأخص منطقة شرق المتوسط التي شهدت السنوات الأخيرة صراعات وتوترات كبيرة.

المسار السلبي للعلاقات بين تركيا ومصر، نجمت عنه مشكلات عديدة في المجالين الاقتصادي والتجاري، وكذلك على صعيد العلاقات الدولية. ومع الشروع في مرحلة تطبيع العلاقات، يُنتظر أن تشهد هذه المجالات خطوات إيجابية من الجانبين. ويُعتقد أن تَبرز على المدى القصير نتائج ملموسة لهذه الخطوات على صعيد العلاقات الدولية، وملفي ليبيا وشرق المتوسط، فضلاً عن العلاقات مع دول الخليج.

وفي هذا الإطار، يجري إعداد عملية انتقالية سلسة لتطبيع العلاقات بين البلدين. وتهدف هذه العملية إلى تأسيس علاقات عبر مجموعات متنوعة بدلاً من اللقاءات المباشرة رفيعة المستوى. وتُعتبر فعاليات الدبلوماسية البرلمانية عبر مجموعة الصداقة مع مصر المنبثقة عن البرلمان التركي، أحد أهمّ نماذج هذا الانتقال السلس.

كما تهدف هذه العملية إلى تطبيع العلاقات على المستوى الدبلوماسي أيضاً عبر خطوات تدريجية. فنائبا وزيرَي خارجية البلدين عقدا لقاءً في القاهرة في 5 مايو/أيار الماضي، كما أجرى وزيرا خارجية البلدين اتصالاً هاتفياً. وكتكملة لهذه الخطوات الملموسة، يُنتظر عودة العلاقات بين البلدين إلى مستوى السفراء.

وفي ضوء هذه التطورات، ناقش مقال للكاتبة الصحفية التركية، هزال دوران، نشره موقع "TRT عربي"، الآثار المتوقعة لعملية التطبيع بين تركيا ومصر على الساحة الدولية، وبالأخص شرق البحر المتوسط.

وفيما يلي نص المقال:

في البداية، يُتوقع أن يكون لهذه العملية آثار إيجابية على ملفَّي ليبيا وشرق المتوسط، فكما هو معروف دعمت تركيا الحكومة الشرعية في ليبيا فيما وقفت مصر إلى جانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وقد انتهى هذا الخلاف مع انسحاب قوات حفتر من غربي ليبيا. ويُتوقع التوصل إلى اتفاق في الملفّ الليبي مع انتهاء الخلافات بين تركيا ومصر. ووزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو كان قد أكد في تصريحات صحفية سابقة أن هذا الأمر متوقع حدوثه.

وفيما يتعلق بملف شرق المتوسط، يُعَدّ التوصل إلى اتفاق لترسيم مناطق الحدود البحرية بين البلدين هو أبرز الأهداف المنتظر تحقيقها في هذا الموضوع. فتركيا ومصر تمتلكان أطول حدود بحرية في شرقي المتوسط.

وهذا الأمر من شأنه أن يسهّل تحرُّكات البلدين في إطار المصالح المشتركة. وسابقاً وقّعت تركيا مع ليبيا اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، فيما وقّعت مصر مع اليونان وقبرص الرومية اتفاقيتين مشابهتين.

بيد أن الاتفاقية الجديدة المنتظَر توقيعها بين تركيا ومصر ستتمتع بقدرة على توسيع مناطق الحدود البحرية للبلدين، وبناءً على ذلك فإن التنسيق المتوقع بين تركيا ومصر في شرق المتوسط من شأنه تغيير المعادلة في هذه المنطقة.

جدير بالذكر أن العلاقات بين أنقرة والقاهرة مستمرة على مستوى القائم بالأعمال بشكل متبادل منذ 2013.

وخلال هذه الفترة جرت لقاءات خاطفة بين وزيري خارجية البلدين في مناسبات مختلفة، فيما تواصل كل من سفارة تركيا بالقاهرة وقنصليتها في الإسكندرية، وسفارة مصر لدى أنقرة وقنصليتها في إسطنبول أنشطتها.

وفي 14 أبريل/نيسان الماضي، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين تركيا ومصر، فيما عقد أول لقاء على مستوى نواب وزيري خارجية البلدين في الأسبوع الأول من مايو/أيار الجاري.

وآنذاك، أوضح تشاووش أوغلو، في مقابلة على قناة "خبر تورك" التركية، أنه سيلتقي لاحقا نظيره المصري سامح شكري، ويبحث معه تعيين السفراء وسبل الارتقاء بالعلاقات إلى نقطة أفضل في المستقبل.

وقبل هذه التصريحات بيومين، أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، عقب يومين من اتصال هاتفي مع تشاووش أوغلو، أن القاهرة "حريصة على إقامة علاقات وفقا لقواعد القانون الدولي وخلق حوار مع تركيا يصب في مصلحة البلدين".

وعارضت أنقرة الإطاحة، صيف 2013، بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي، ما أدى إلى توتر العلاقات السياسية مع القاهرة، لكن العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما استمرت بشكل طبيعي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!