ترك برس

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو)، ضمها مؤخراً تلة "أرسلان تبه" التاريخية بولاية ملاطية (شرقي تركيا)، إلى قائمة التراث العالمي، وذلك لدورها البارز في الحضارة الإنسانية.

وكانت "يونسكو" قد أعلنت 26 يوليو/تموز الماضي، إدراج "أرسلان تبه" الأثرية في قائمة التراث العالمي، وذلك خلال الدورة 44 للجنة المنعقدة عبر الإنترنت، والتي تُدار أعمالها من مدينة فوزهو بالصين.

وتشير الأدلة الأثرية في الموقع إلى وجود الحياة فيه في الفترة الممتدة من الألفية السادسة قبل الميلاد -على الأقل- حتى أواخر الفترة الرومانية، حسب بيان اليونسكو.

وأفاد بيان اليونسكو بأن الطبقات الصخرية الأولى للموقع -التي تعود إلى مطلع فترة أوروك- تتميّز بوجود آثار منازل من الطوب تعود إلى القسم الأول من الألفية الرابعة قبل الميلاد، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت."

وجاءت الفترة الأبرز والأكثر ازدهارا في تاريخ الموقع في أواخر العصر النحاسي، حيث شهدت تشييد ما يُعرف بمجمع القصر، وهناك كمّ لا يُستهان به من الأدلة المهمة التي تشهد على مطلع العصر البرونزي، ولعل أبرز المعالم التي تقف شاهدة على هذه الفترة تتجلّى في مجمع القبر الملكي.

ويمتدّ تاريخ الطبقات الصخرية الأثرية إلى فترة العصر الآشوري القديم وفترة حكم الإمبراطورية الحثية، بما في ذلك الآثار التي تعود إلى فترة الحضارة الحثية الحديثة.

ويوضح الموقع جملة من العمليات التي أدّت إلى نشوء مجتمع تابع للدولة في الشرق الأدنى، ونظام بيروقراطي متقدّم يسبق الكتابة. وأسفرت أعمال التنقيب عن العثور على مجموعة من القطع والأسلحة المعدنية، وتضم هذه المجموعة أقدم السيوف التي عُثر عليها حتى اليوم على وجه المعمورة.

وتشير هذه الآثار إلى بداية أشكال القتال المنظّم باعتباره امتيازا يقتصر على نخبة المجتمع، الذين اعتادوا استعراضها كأدوات لقوتهم السياسية الجديدة.

وقال رئيس بلدية ملاطية (شرق) صلاح الدين كورقان إن تلة "أرسلان تبه" الغافية على الجهة الغربية لنهر الفرات (شرقي الأناضول)، وتبعد 7 كيلومترات عن مركز الولاية؛ أدرجت في البداية ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي المؤقتة عام 2014.

وتتميز التلة بخصوبة أراضيها، وكثرة المساحات المروية، وبنيتها التي تحميها من فيضانات النهر، مما جعلها ملاذًا بشريا منذ آلاف السنين.

ويحتوي موقع "أرسلان تبه" على بقايا أثرية تعود إلى الحقبة التاريخية الممتدة بين العصر الحجري المتأخر الذي يعود إلى الألفية الخامسة قبل الميلاد والعصر الحديدي.

وذكر كورقان لوكالة الأناضول أن إدراج التلة -التي شهدت تأسيس أولى دول المدن- ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي خلق فرصًا سياحية مهمة للمنطقة، التي تعد أحد أبرز الأمثلة على ثراء بلاد الأناضول وتجذرها في التاريخ.

ولفت كورقان إلى أن التلة شهدت ولادة مفهوم الطبقات الأرستقراطية، وظهر فيها أول شكل للدولة، مما دفع اليونسكو إلى إدراج التلة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي مؤخرا.

وأفاد بأن إدراج تلة "أرسلان تبه" في قائمة التراث العالمي لليونسكو سيسهم بشكل إيجابي في تنمية الحركة الاقتصادية في مدينة ملاطية.

ويضم الموقع آثارا ترجع للعديد من الحضارات، أبرزها الحثيون والرومان والبيزنطيون، وأفضت أعمال التنقيب والحفريات إلى العثور على تماثيل لأسد وملك تعود إلى العصر الحثّي.

كما تضم التلة التاريخية قصرًا مبنيًا من الطوب عثر داخله على نحو ألفي ختم، مما يدل على أن الموقع كان معقلًا لواحدة من أقدم دول المدن في منطقة الأناضول.

وتزين جدران القصر صور ملونة وألواح محفورة تدل على امتلاك الدولة نظمًا مبكرة للإدارة، إضافة إلى وجود العديد من القطع الفخارية، مثل المكتشفة في بلاد ما بين النهرين.

وعثر علماء الآثار في الموقع على هياكل ومصوغات مصنوعة من معادن النحاس والرصاص والفضة والذهب والمعادن الخليطة.

ومن أبرز المصنوعات المعدنية التي عثر عليها في التلة 12 رمحًا و9 سيوف قبضاتها مزينة بالفضة، وتُظهر تطور صناعة الأسلحة واستخدامها.

من جانبه، قال مدير الثقافة والسياحة في ولاية ملاطية جتين شيشمان إن تلة "أرسلان تبه" التاريخية تعد واحدة من المواقع التي أسهمت في بزوغ فجر الحضارة الإنسانية.

وأضاف شيشمان للأناضول أن تلة "أرسلان تبه" هي المكان الذي شهد بناء أقدم قصر من الطوب اللبن في العالم، كما شهد وضع أسس مفهوم البيروقراطية والدولة.

ولفت إلى أن الموقع شهد العثور على مجموعة من أقدم السيوف المكتشفة في العالم، مشيرًا إلى أن عودة الحياة الطبيعية إلى تركيا بعد تراجع جائحة كورونا وإدراج الموقع ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو سيسهمان في تزايد الحركة السياحية والاقتصادية في المنطقة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!