ترك برس

تحتاج زراعة الجوز صبرًا لأعوام لتؤتي ثمارها، لكنها بعد هذا الصبر تعود بعائد مرتفع، ليستفيد منها المزارعون ويشاركون ويسهموا برفد اقتصاد البلاد، وبالرغم من ذلك فإن ما يزرع من الجوز لا يكفي استهلاك تركيا، فما هي تفاصيل قصة الجوز؟

تعتبر أراضي الأناضول خصبة وصالحة لزراعة عدة مزروعات كالجوز، وتمتلك تركيا إمكانيات كبيرة تؤهلها لإنتاجه، ولكن نظرا لعدم استغلالها بشكل مناسب، تضطر تركيا إلى استيراد الجوز من وقت لآخر، كما تستهلك حوالي 150 طن جوز سنويا، إلا أن نسبة إنتاجه في أراضيها الخصبة لا تساوي إلا ثلث استهلاكها.

وتحتل تركيا المرتبة الثالثة عالميا بنسبة استهلاك الفرد الواحد للجوز سنويا، فالتركي لا يستخدمه فقط كمكسرات بل في صناعة الحلويات والسلطات والمعجنات.

كيف يمكن الاستفادة من الحوافز الحكومية لمنتجي الجوز في تحقيق أرباح كبيرة للمنتجين ودعم اقتصاد البلاد، كيف يصبح الفرد مستثمر في هذا المجال؟

صرح عضو مجلس إدارة جمعية منتجي الجوز في تركيا، علي طوكر، بأن السبب الأكبر لاستيراد الجوز هو عدم إنتاج كمية جوز كافية، وقال: “بالرغم من تقديم الحكومة حوافز للمستثمرين في كل مرحلة من مراحل إنتاج الجوز، إلا إنه لا يكفي لتلبية الاستهلاك المتزايد، وينبغي تنفيذ أعمال مشتركة فيما بين الحكومة والمستثمرين حتى تستخدم الأرض بشكل أكثر فعالية لزيادة إمكانيات الإنتاج.

تعد الأراضي التركية مناسبة جدًا لزراعة الجوز كما هو الحال مع الخضروات والفواكه، فهي تمتلك كل الميزات لزراعته، من هواء مناسب وماء وتربة خصبة وبذور أو شتلات، ويقوم المستثمرون بإنتاج الجوز عبر ثلاث مراحل، أولها إنشاء حقل قد يستغرق ما بين 5 و7 أعوام لتصبح الأشجار منتجة مع رعايتها، ثم تبدأ مرحلة الإنتاج والحصاد.

وتعتبر الظروف المناخية مناسبة لزراعة الجوز في كل مناطق تركيا، لذلك ينبغي البحث فقط عن التربة الخصبة، ولا يعد الجوز منتجا انتقائيا، لكن يجب ألا تكون تربته ثقيلة جدا لضبط عمقها، ومن المهم إجراء تحليل للتربة قبل زراعته.

ذكر طوكر، أن الدولة تسعى لزيادة إنتاج الجوز من خلال تقديم دعم للمستثمرين، كما خصصت بعض الأراضي التي فقدت طابع الغابات للمنتجين بأسعار معقولة جدا منذ 49 عاما، وأكد على أهمية التأكد من جودة شتلات الجوز، عبر الخدمات الاستشارية للحصول على شتلات مناسبة للتربة، وقال: “نحتاج لزيادة كمية الماء كلما نما الجوز لمدة تتراوح بين 5 و15 عاما، وبعد الانتهاء من المرحلة الأولى، ينبغي اختيار شتلة مناسبة. توجد برامج خاصة بدعم الشتلات أيضا، كما إن اختيار الأصناف المناسبة مهم أيضا، وينبغي الحصول على استشارات من الخبراء”.

وأضاف طوكر: “تمتلك تركيا شتلات تصدر للخارج بمعايير عالمية، وأفضل داعم في هذه العملية الوصول للمستشار المناسب الذي يقدم معلومات صحيحة للعثور على الشتلات الجيدة. على سبيل المثال عند قيام المستثمر باستثمار طويل الأمد مثل الجوز سيكتشف بعد مرور ثلاثة أعوام أو أكثر بأن شتلته سيئة، بذلك يضيع وقته وجهده سدى، لذلك أهم خطوة في إنتاجه هي الوصول للشتلة الجيدة منذ البداية، حتى ينجح الاستثمار الطويل والشاق، كما ينبغي البدء بمعدات مناسبة وشتلات مناسبة وتربة مناسبة".

كما تطرق إلى أهمية التأكد من الموارد المائية في منطقة الزراعة، كما هو الحال في معظم أنواع الخضروات والفواكه، وقال: "يتطلب الجوز الكثير من المياه، في وقت الموارد المائية مستنفدة في بلادنا كما في العالم، ولا يمكن الري يدويا في المشروعات الكبيرة، خاصة أشجار الجوز، لذلك يتوجب ري الأشجار بالتنقيط الصحيح بعد زراعة الشتلة، ويحصل المستثمر على دعم لري أشجاره من بنك الزراعة بفوائد مناسبة للسداد خلال 5 أعوام".

ذكر طوكر، أهمية المقياس الاقتصادي في منتج الجوز، حيث ينبغي الاستثمار فيما يتراوح بين 200 و300 دونم، وقال: “لو فكرنا بأن استثمارك وظيفة وليس هواية في المستقبل، يمكننا تلبية استهلاكنا فقط، من الضروري الانتباه للمقياس الاقتصادي، وننافس العالم في كل منتجاتنا بما فيها الزراعية، فإنتاج الجوز بأراضي صغيرة بين 5 و10 دونمات لا يتعدى مجرد هواية، توجد مئات مشروعات الهواة بهذا المجال في تركيا، لذلك ينبغي الاستثمار في مساحة تتراوح بين 200 و300 دونم كحد أدنى، وفي حال توفرت للمستثمر موارد كافية لـ20 دونمًا، نقترح أن يشترك للاستثمار مع مجموعة بين 10 و15 شخصًا كالتعاونيات، فهو بحاجة لشراء جرار لـ20 دونمًا واستخراج المياه لـ200 دونم، لذلك يفضل التوجه للمقاييس الأكبر”.

وأضاف أن “إنتاج الجوز يعد عملًا استثماريًا للمستقبل، حيث يمكن للمستثمر الاستفادة من قروض بنك الزراعة المشجعة والمدعومة، التي تتيح له إنشاء حقله، وتستحق الدفع بعد 5 أو 7 اعوام بفائدة تصل إلى 50% من سعر السوق العادي".

أشار طوكر، إلى عدم استرجاع جمعيات منتجي الجوز لنفقاتها إلا في السنة السادسة أو السابعة، وتدفع بالمتوسط أول نفقاتها في السنة العاشرة، وقال: "لدينا عائد إجمالي من عمليات ومعدات الحصاد والتجفيف، بالرغم من ذلك فإن لدينا فترات استحقاق حالية من 5 إلى 7 أعوام، وينبغي على البنك إظهار مرونة في الاستحقاق و توفير راحة للمنتج ليبدأ المستثمر باتخاذ القرار بالإنتاج".

أعرب طوكر، عن توفر استشارات زراعية يحصل عليها المستثمر في أثناء عملية الإنتاج، وقال”: يفتقر المستثمر للمعلومات المتعلقة بكيفية القيام بعملية الإنتاج، فحصوله على استشارة زراعية صحيحة مهم جدا، كما يمكنه الحصول على دعم حول كيفية تغذية الشتلة الصغيرة وحمايتها إلى أن تصبح شجرة كبيرة بعد 10-15 عاما".

وأوضح أن كل شجرة جوز تعطي حوالي 2000 حبة جوز، ويتم حصادها باستخدام الآلات، وقال”: إذا اردنا تحقيق الكفاءة في استثماراتنا الضخمة، يتوجب إنشاء بستان تستخدم فيه الآلات منذ البداية بطريقة مناسبة وقت الحصاد، حيث يتم جمع الجوز من الأرض بالميكنة بعد هز الشجرة، ثم تبدأ عملية تجفيف الجوز، لخفض نسبة رطوبته إلى 9% لمنع تعفنه، ويمكن استهلاكه لمدة عام كامل".

وأشار طوكر، إلى احتمالية مواجهة مخاطر بإنتاج الجوز، وقال: “تشبه زراعة الجوز، مصنعًا ينتج في الهواء الطلق، قد تفاجئه الطبيعة، ويبدأ ربحه خلال 10-15 عاما، فإذا أدار المستثمر حقله واستمر هذه المدة فإنه رابح".

وصرح المستثمر حسين أونر، الذي يملك حقل جوز في أدرنة شمال غربي تركيا منذ 3 أعوام، وفي حقله 240 شجرة جوز تمتد على مساحة 8,5 دونم، قائلا: “اطلعت على معلومات قبل بدئي بالاستثمار، وأسعدني قيامي بهذا العمل بعد معرفتي مقدار الجوز الذي تنتجه الشجرة ذات الثمانية أعوام. أنفق على حقلي منذ 3 أعوام، مدركا بأن استثماري للمستقبل لن أندم عليه، وسأكون ممتنًا بعد عدة أعوام".

وأضاف أونر: “جمعت في بداية الصيف كيلوغرامًا من الجوز من كل شجرة وهي لا تزال في عامها الثالث، وتساعدني زوجتي بالاعتناء بالأشجار، وقد كنا محظوظين وقت الحصاد بفضل هطول الأمطار وهبوب الرياح، ولم أمتلك إلى الآن أي آلة لجمع الجوز، فهو يتساقط على الأرض تلقائيا وأنا أفكر في كيفية جمعه، وقد خرجت حوالي 90٪ من حبات الجوز من قشرتها الخضراء”.

هل الجوز قاسٍ؟ في الحقيقة لا، وثمار الجوز ذات المذاق الطيب غنية بالمعادن مثل النحاس والكالسيوم والحديد والسلينيوم والزنك، كما تسهم في الأنشطة الأيضية مثل النمو والهضم وتكوين الأحماض الأمينية، ويقوي أيضا جهاز المناعة عند تناوله بانتظام، وفوائده وإمكانياته كبيرة، وكل ما يجب القيام به هو استغلال هذه الإمكانيات.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!