ترك برس

تطرح الفنانة نرغيز يشيل مفاهيم جديدة من خلال عملها بما يسمى "الفن الحيوي" (Biyosanat)، حيث تستخدم بإنتاج أعمالها الفنية مكونات ليس استخدامها معتادًا في الأوساط الفنية، وتنتج في الغالب موادها الخاصة في ورشتها، ويعد "شاي الكمبوتشا" (kombucha çayı) وهو أحد أنواع الفطر، من أكثر المكونات التي تستخدمها في أعمالها.

يعتمد الفن الحيوي على استخدام الأنسجة الحية والبكتيريا، والتحولات التي تطرأ للكائنات الحية في تطبيقات مثل الألوان، ويستخدم الفنان العامل في هذا الفن عمليات علمية تتضمن تقنيات زراعة الأنسجة وتقنيات الاستنساخ، وتقنيات حيوية أخرى مثل الهندسة الوراثية. ويمكن إنتاج أعمال الفن الحيوي في المختبر أو الاستديوهات الفنية على حد سواء.

يلاحظ الزائر لورشة الفنانة يشيل، الواقعة في منطقة "توبهانه" بإسطنبول، أنها مليئة بالمواد غير البيولوجية غير العادية التي تستخدمها في أعمالها، وأكثر ما يجذب الانتباه في الورشة الفطر الذي تزرعه في الورشة نفسها بأشكال وأحجام وألوان مختلفة، ثم تحوله إلى مواد فنية بعد تجفيفه وتلوينه، وهي بالتالي لا تلحق أي ضرر بالطبيعة وتقوم بتحويل ما يتبقى من الفطر إلى أسمدة.

وفي حديث لقناة "TRT Haber"، أشارت يشيل إلى أن فطر الشاي من أنواع الفطر غير المألوفة، وقالت: "أستخدم فطرًا ليس من أنواع الفطر المعروفة التي تعلوها طاقية، فهذا الفطر يتم تغذيته بالسكر والشاي. تأخذ الكمبوتشا شكل الوعاء ولها طبقة ثانية علوية، وأنا أقرر حجمها في أثناء زراعتها وفقا لنوع غذائها واعتمادا على كثافتها، ووفقا لذلك تتغير نتائج الأعمال التي أحصل عليها".

تتوخى يشيل الدقة في أثناء عملها بورشتها، التي تحتوي على أوراق وثمار من عدة خضراوات وفواكه مثل التفاح والجزر والكوسا والبنجر والخيار، وتقوم بتلوينها بألوان مستخلصة من قشور الجوز والقهوة، كما تحول كل النفايات الطبيعية مثل الصوف والعظام والعجين والشعر إلى مواد تستخدمها في أعمالها الفنية.

وفي إشارة إلى صعوبة العمل بالمواد العضوية، تقول يشيل: "يعد العمل مع المواد العضوية عملًا شاقًا ووخاصة إنتاج المواد لاستخدامها في الأعمال الفنية، لذا لا يمكنني التوقف عن العمل ولو يوما واحدا لأرتاح وأعمل في الأيام التالية، لأن الفطر بحاجة للغذاء أو للإزالة من السائل، ويتوجب علي العمل يوميا أو سأفقد موادي".

وتستمد يشيل مفهومها الفني من أحد أقدم الآثار البشرية في تركيا والعالم، مدينة "غوبكلي تبه" (Göbeklitepe)، وتقول عن ذلك: "أعتقد أن معرفتنا بالتاريخ البشرية انقلبت رأسا على عقب بعد اكتشاف غوبكلي تبه، فقد بدأنا الآن نتخيل وجود أشياء جديدة في ضوء المعطيات الجديدة، و لا نعلم إذا كان اعتقادنا هذا سيبقى كما هو أم سيتغير. وكإجابة على سؤال: هل ممكن أن تكون المعلومات التي حصلنا عليها حقيقية أو صحيحة؟ أقول إن أبرز أعمالي ذات طابع خيالي ولا تعتمد على صحة هذه المعلومات".

ومن الجدير بالذكر أن مشروب شاي فطر الكمبوتشا له نكهة حمضية تشبه الخل، بالإضافة إلى طعم الشاي الحلو الأصلي، وقد اكتشف الصينيون هذا الفطر منذ 2230 عام، ولاحظوا فائدته في علاج بعض الأمراض المستعصية والمزمنة، واقتصر استخدامه آنذاك على معالجة الملوك والأمراء فقط في الصين وكوريا واليابان، ثم انتقل إلى روسيا وبقية دول شرق آسيا، ومن هناك إلى بقية دول العالم.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!