ترك برس

قام قبل يومين، أكثر من 47 مليون ناخب تركي بالإدلاء بأصواتهم بالانتخابات البرلمانية العامة. وحسب النتائج غير الرسمية فإن النسب التي حصلت عليها الأحزاب السياسية في الانتخابات كانت كالتالي؛ حزب العدالة والتنمية 40.68 بالمئة، وحزب الشعب الجمهوري 24.96 بالمئة، وحزب الحركة القومية 16.29 بالمئة، وحزب الشعوب الديمقراطي 13.12 %؛ وحسب هذه النسب فإن أعداد النواب الذين سيدخلون البرلمان تمثيلاً عن أحزابهم ستكون كالتالي؛ حزب العدالة والتنمية 258 مقعد، وحزب الشعب الجمهوري 132 مقعد، وحزب الحركة القومية 80 مقعد، وحزب الشعوب الديمقراطي 80 مقعد.

وحسب هذه النتائج وحسب القانون التركي فإن حزب العدالة والتنمية هذه المرة لن يستطيع تأسيس حكومة بمفرده، وهناك الكثير من السيناريوهات التي تُطرح مثل الذهاب للانتخابات المُبكرة أو تأسيس حكومة ائتلافية أو تأسيس حكومة أقلية. بما أن حكومة الأقليات إحدي السيناريوهات؛ فماذا نعني بها؟ كيف يتم تأسيسها؟ ماهي السيناريوهات المطروحة من أجل تأسيس حكومة أقلية؟

ـ ما هي حكومة الأقلية وما هي السيناريوهات المطروحة من أجل تأسيسها؟

هي الحكومة التي يتم تأسيسها عن طريق استعانة حزب الأغلبية بالدعم الوزراي الخارجي؛ أي عن طريق انضمام وزراء من خارج البرلمان، وذلك بعد عدم تمكن حزب الأغلبية من إقناع الأحزاب البرلمانية الأخرى بالانضمام لحكومته الائتلافية.

حسب مبدأ التوافق السياسي التركي الخاص بالنظم السياسية البرلمانية؛ لكي تتمكن أي حكومة من البقاء علي رأس الحكم والاستمرار في تنفيذ مهامها كحكومة يجب عليها أن تحصل على الثقة البرلمانية والتي تتحدد بـ 50 بالمئة +1 من أصوات النواب في المجلس.

وفي بعض الانتخابات تكون الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب السياسية لا تكفيها لتأسيس حكومة منفردة، فيضطر حزب الأغلبية إلي التحالف مع الأحزاب الأخرى وتأسيس حكومة ائتلافية؛ وفي حين لم يستطتع  حزب الأغلبية التحالف مع الأحزاب الأخري، يمكن له الاستعانة بأشخاص مستقلة لتأسيس حكومته التي يطلق عليها بعد ذلك "حكومة أقلية".

ولكن حتى تتمكن هذه الحكومة من الشروع في ممارسة مهامها كحكومة يجب عليها أن تحصل علي الثقة البرلمانية، هذا النوع من الحكومات يمكن أن ينجح في البلاد التي يكون الاختلاف السياسي الإيدولوجي بين أحزابها السياسية ليس بهذا العمق، مثل الدول الإسكندفانية وإيطاليا وغيرهم من الدول التي لا تحمل أحزابها اختلاف إيدولوجي كبير، ولكن وبما أن تركيا تحتوي علي أحزاب اختلافها الإيدولوجي كبير جداً، فيبدو من الصعب جداً قيام حزب العدالة والتنمية تأسيس حكومة أقلية مكتسبة للثقة البرلمانية.

ويظل كل شيء ممكنا؛ فمن الممكن جداً أن يقوم حزب العدالة والتنمية بإقناع حزب من الأحزاب السياسية بدعمه لتأسيس حكومة أقلية ويبقي هذا الحزب الداعم لحكومة الأقلية التابعة لحزب العدالة والتنمية في صف المعارضة. كل شئ ممكن.

ومن الممكن لنا أن نقوم بإعطاء بعض الأمثلة على حكومات الأقلية التي تأسست في تركيا:

ـ الحكومة التي تم تأسيسها عام 1979 بقيادة سليمان ديميرال واستمرت لحوالي ما يقارب العام.

ـ الحكومة التي أُسّست عام 1994 بقيادة تانسو شيلير والتي لم تستمر سوي 4 أيام لعدم قدرتها علي كسب الثقة البرلمانية.

وأخيراً حتي يتضح المقال بشكل كامل، تُعرف الثقة البرلمانية بمفهومها السياسي كالتالي:

هي عبارة عن التصويت الذي يجريه النواب البرلمانيون في النظام البرلماني والذي يؤكد على موافقتهم لمنح أي حكومة جديدة الفرصة للشروع ببمارسة مهامها، وتختلف حجم الأصوات التي تعبر عن الثقة البرلمانية حسب دستور كل دولة.

ـ حسب الدستور التركي، بعد الانتخابات البرلمانية يجب أن يقوم رئيس الدولة بتكليف زعيم حزب الأغلبية بتشكيل الحكومة.

ـ  ويقوم هذا الزعيم بتشكيل الحكومة واختيار الوزراء الذين سيكونون معه في الحكومة ويمكن أن يكون هؤلاء الوزراء نوابًا من داخل البرلمان {وتسمي هذه الحكومة المؤسسة بهذا الشكل "الحكومة الإئتلافية"} أو أشخاص ذوو كفاءة يتم استقطابهم من خارج البرلمان {وتُسمي هذا الحكومة المؤسسة بهذا الشكل"حكومة الأقلية"}.

ـ بعد قيام زعيم حزب الأغلبية بتشكيل الحكومة يعرضها علي رئيس الجمهورية للموافقة، إذا تمت الموافقة من قبل رئيس الجمهورية يتم عرض الحكومة علي البرلمان لكسب الثقة، وإذا استطاعت هذه الحكومة كسب الثقة عن طريق التصويت لها بنسبة 50% + 1 من عدد النواب تستطيع الشروع بممارسة مهامها كحكومة تنفيذية في البلاد.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!