جلال سلمي - خاص ترك برس

"شعرت في إسطنبول بأنني أسير حر متنعم بحرية وعدالة لم أكن أنعم بها حينما كنت حرًا طليقًا في إسبانيا".

هذه هي الكلمات التي خلدها الأسير الإسباني بادرو دا أوردامالاس الذي وقع في الأسر في أيدي الجيش العثماني عام 1552 بعد معارك طاحنة جرت بين الجيش العثماني والجيش الإسباني على مشارف الأندلس التي كان الجيش الإسباني بقيادة الملك فيليب يسعى بكل جهده السيطرة عليها و"تحريرها من الاحتلال الإسلامي" على حد تعبير المؤرخين الغربيين.

وتُشير مجلة أوتام التي تصدر بشكل دوري من كلية الأداب والعلوم العام ـ قسم التاريخ بأن "الأسير الإسباني فياجا وقع في الأسر عام 1552 بعد حروب طاحنة جرت بين الدولة العثمانية وإسبانيا حديثة الولادة في ذلك العهد وخلال فترة أسره حاول كتابة مكتوب لملكه الإسباني فيليب".

وتبين المجلة أن "الهدف الرئيسي من كتابة أوردامالاس للمكتوب كان؛ تقديم معلومات كافية وعديدة عن الدولة العثمانية، الدولة التي كانت تُعد العدو اللدود للدولة الإسبانية في ذلك العهد، بكافة نواحيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والفكرية والعسكرية لملكه فيليب"، وتضيف المجلة بأن "فياجا كما ذكر الجوانب السلبية للدولة الإسبانية حديثة الولادة وحاول فياجا ذكر هذه الجوانب السلبية هو تقديم الإتحاف والنصيحة لملكه جديد الحكم لمملكة حديثه وعد فياجا الجوانب الإيجابية العديدة التي تتمتع بها الدولة العثمانية لجعل الملك يأخذ هذه الجوانب كمثال لتطوير دولته ومملكته".

وتبين مجلة "اقرأ مقال" التركية، التي تصدر بشكل دوي عن مركز أبحاث أنقرة، في موضوع بعنوان "مكتوب الأسير الإسباني وإسطنبول" بأن "إدارة مكتبة مدريد القومية نشرت ملاحظات الباحثين لهذا المكتوب وحسب هذه الملاحظات أوضح إدارة المكتبة بأن "المكتوب تم كتابته بواسطة اليد وكُتب المكتوب عن طريق محادثة كلامية حدثت بين ثلاث أشخاص، وهؤلاء الثلاث أشخاص جميعهم أسرى إسبان سقطوا في يد الدولة العثمانية بعد المعارك الدورية بين الدول العثمانية والإسبانية عام 1552 وتذكر الإدارة بأن أسماء هؤولاء الأسرى هم بادرو دا أوردامالاس ، كاتب المكتوب وسائل أصدقائه عن الفروق مابين الدولة العثمانية وممكلة إسبانيا، وفوتو ديوس وماتلاس كالاندو".

وكما تفيد مجلة "اقرأ مقال" بأن "الفترة التي بقي بها أوردامالاس في إسطنبول والتي امتدت مابين عامي 1551 إلى 1559 كانت كافية لتعيين إسطنبول واقتباس الكثير من الأفكار والتفاصيل عن الدولة العثمانية، وتبين المجلة بأن "أوردامالاس كتب مكتبوه في إسبانيا بعد هربه من إسطنبول عام 1559 وتكون مكتوبه من فقرتين الفقرة الأولى يُرسل فيها تحياته واحترامه لملك إسبانيا فيليب ويتكلم فيها عن كيفية سقوطه في الأسر وحياته في إسطنبول والجوانب الإيجابية التي استسقاء جراء فترة بقاؤه في إسطنبول وهروبه منها ومن ثم يتقل في الفقرة الثانية لإضافة الفقرة التي تحتوي عن الحديث الحواري المنتقد لإسبانيا الذي دار بينه وبين أصدقاؤه الأسرى الذي كانوا معه في الأسر".

وحسب مكتبة إسبانيا؛ صور ووصف أوردامالاس إسطنبول وجوانبها الحياتية في الفقرة الأولى بالشكل التالي:

"بعد سقوطي في الأسر استطاعت تعلم مهنة الطب الجراحي التي كنت أدعي بأن أعلمها ولكن في الحقيقة أجهلها من قبل طبيبنا العثماني سنان شديد التسامح دائم الابتسامة والأن أصبحت بالفعل أعلمها بشكل رسمي وحقيقي وتطبيقي، تعلمت الطب بعد سقوطي في أحد سجون إسطنبول المُطلة على البحار، إسطنبول هي مدينة عالمية فريدة تطل على مضيق يربط البحار الضخمة ببعضها بشكل يجعل الدول العثمانية دولة تجارية قوية حيث يحتوي هذا المضيق على عدد كبير من الموانئ لا يوجد أي دولة أخرى تمتلكها الأمر الذي يجعل إسطنبول مركز تجاري ضخم فريد في العالم، تحتوي إسطنبول على ألاف الخانات التي تُستعمل لإيواء التجار والوافدين إليها بشكل مريح ومناسب، لا أستطيع إغفال حمامات إسطنبول العثمانية التي يوجد قسم منها في الأندلس التي يجب علينا فتحها والمحافظة على ثقافة هذه الحمامات المفيدة لصحة ونظافة الإنسان، لا أخفي سرًا بأني شعرت خلال فترة أسري في إسطنبول بأني أسير حر متنع بحرية وعدالة لم أكن أنعم بها حينما كنت حر طليق في إسباني وأرجو من ملكي المعظم غفران لي هذا الاعتراف الذي لا استطيع إخفاءه وأتمنى بأن تنعم مملكتي بهذه الحرية والعدالة، العثمانيون مثال للتسامح والتعايش فهناك المسلم جار الكاثوليكي وهناك اليهودي جار  الأرثوذكسي ولكن ليس هناك أي خلاف أو اختلاف بين هذه الطوائف والجماعات، لولا حبي الشاغف لدولتي العظيمة، إسبانيا، التي أتمنى لم شملها في أسرع وقت ممكن لما هربت من إسطنبول التي لطالما قلبي سيبقى متعلق بها وبجمالها وحيويتها وعدالتها وحريتها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!