رائد الجندي - خاص ترك برس

السيد فلاديمير بوتين رئيس جمهورية روسيا الاتحادية...

إن لكل دولة الحق في حماية أمنها ومصالحها، إن كان ذلك داخل حدودها أو خارجها، إذا ما استشعرت خطرا يهدد ذلك الأمن أو تلك المصالح. حتى لو اقتضت الضرورة إعلان حرب بشكل مباشر أو غير مباشر، ضد دولة أو تنظيم أو جماعة. أو أي شكل من أشكال التدخل أو الدعم لهذه الجهة أو تلك...

وقد قمتم بهذا الإجراء حين استشعرتم أن أحد التنظيمات الإرهابية "قد" يشكل مستقبلا تهديدا لأمن بلادكم...

ولكن أود يا سيادة الرئيس أن أوضح لكم الحقائق التالية:

فكما أن من حقكم القيام بما ترونه مناسبا فيما ذكرنا... فإن للدولة التركية أيضا نفس الحق في الدفاع عن أمنها ومصالحها...

لقد دخل إلى أراضينا جراء الأحداث في سورية أكثر من مليوني لاجئ سوري، وهم ينعمون إلى حد كبير بالأمن والرعاية.

فهل استقبلت بلادكم لاجئا سوريا واحدا...!؟.

لقد أنشات تركيا على أراضيها وقرب حدودها المشتركة مع سورية مخيمات نموذجية تتسع لمئات الآلاف اللاجئين، تقدم فيها كل أنواع الدعم والرعاية اللازمة لهم، ودون أي تذمر أو طلب للمساعدة من مؤسسات المجتمع الدولي..

فهل قدمت بلادكم شيئا من هذا...!؟.

تستشعرون الخطر وأنتم على بعد آلاف الكيلومترات من هذه المنطقة المشتعلة..

بينما لدينا ما يقارب الألف كلم حدودا برية مشتركة مع هذه المنطقة!.

تخشون من احتمال انتقال عناصر من تنظيمات إرهابية إلى بلادكم والقيام باعمال إرهابية ضد مواطنيكم ومنشآتكم..

بينما نحن نعاني بالفعل من إرهابيي حزب العمال الكردستاني وملحقاته الذين يقومون بأعمال إرهابية منذ أكثر من ثلاثين عاما، أودت بحياة نحو أربعين ألف شخص.. هذا الحزب المصنف كحزب إرهابي كان يتلقى الدعم من نظام الأسد في سورية الذي تدعمونه  وما زال التعاون قائما بينهما. فضلا عن بروز ما يسمى بتنظيم داعش الذي يقبع على حدودنا مباشرة، بل وربما داخل أراضينا.

لقد وقفتم موقفا حازما في مجلس الأمن تجاه أية محاولة من قبل أية دولة أو جهة للتدخل في النزاع في سورية، بحجة أن السوريين يحلون مشاكلهم بنفسهم.

وها أنتم اليوم تعلنون أن أي فصيل سوري مسلح يناهض حكم آل الأسد هو بنظركم منظمة إرهابية وعدو لكم، حتى لو لم يشكل هذا الفصيل أو ذاك تهديدا أو خطرا على بلادكم، وتقومون بقصفهم وتدميرهم. ألا يعتبر هذا تدخلا سافرا من بلادكم في شؤون داخلية لبلد آخر..!؟.

يطالبنا السيد بوتين بالاعتذار عن إسقاط الطائرة الروسية الحربية ومقتل طيارها... وأنا أسال السيد بوتين: من خلال آلاف الغارات الجوية التي نفذتها وتنفذها المقاتلات الروسية على مواقع مختلفة في سورية، ألم يسقط عشرات أو ربما مئات الضحايا المدنيين جراء هذه الغارات!؟.

ألم يسقط ولو مدني واحد بسببها!؟...

هل كلف السيد بوتين نفسه بتقديم اعتذار عن مقتل هذا المدني الواحد!؟...

أيهما أولى.. أن يُقدم اعتذار عن مقتل طيار حربي أثناء قيامه بمهام قتالية، أم عن مقتل مدني أعزل قابع في بيته!؟.

إذا كان يحق لبلد ما إعلان الحرب حفاظا على أمنه ومصالحه... فهذا البلد هو تركيا.. وهو من يحق له إعلان الحرب ضد نظام الأسد في سورية... الذي كان السبب في تهجير ذلك العدد الهائل من مواطنيه باتجاه الأراضي التركية، مع ما تشكل هذه الهجرة من خطر على أمن الدولة التركية... بل على أمن عدد كبير من دول العالم. وإن القانون الدولي يضمن له هذا الحق.

ولا أعتقد بأننا بحاجة للتذكير بأن أولى موجات الهجرة إلى أراضينا بدأت بفعل قصف ووحشية نظام الأسد للمدنيين، وقبل ظهور تنظيم داعش أو أي تنظيم إرهابي آخر...

ختاما أقول: إن من حق الدولة التركية أن تدافع عن أمنها القومي أكثر من أية دولة أخرى معنية بالنزاع في سورية.. ولها الحق باتخاذ جميع الإجراءات التي تضمن سلامة أراضيها ومواطنيها وسيادتها التامة.

وإن أي إجراء تتخذه الدولة التركية في هذا الإتجاه بعد الآن، لا يعتبر تدخلا في شؤون سورية الداخلية ، أو ميلا لطرف على حساب طرف. بقدر ماهو حفظ لأمن دولتنا ، ودرء للأخطار… بعدما اقتربت هذه الاخطار كثيرا من حدودنا.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس