عبد الله مراد أوغلو – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

من الواضح أننا سوف نعتمد على أنفسنا كدولة في التخفيف من مصيبتنا. إذ لا فائدة ترجى من أي أحد بالنسبة لنا. وبجميع الأحوال إن انتظار هذه الفائدة هو جهد لا طائل منه. لأن العالم الغربي لا يبدي أي اهتمام بالدماء الجارية في المنطقة الإسلامية. ولن يتحرك من مكانه ما دامت مصالحه الخاصة ليست موضع نقاش.

ومما لا شك فيه أن الأحداث التي نشهدها في بلادنا تتقدم خطوة خطوة نحو بعد يتجاوز حدود التحمل. وينبغي على الجميع الانتباه، لأن الإهمال وعدم الاكتراث يشير إلى انفجار اجتماعي هادئ ومروع. ومن ناحية أخرى يبدو من الصعب إيجاد حل يخلصنا على المدى القصير من الوسط العنيف الذي يحاول إغراق بلادنا ومحاصرة أراضي مراكز الحضارة الإسلامية. ولا أحد يملك بيده قوة سحرية يمكنها قلب الأحداث الجارية. ويظهر أيضًا أن بذور الكراهية والحقد التي زرعت سوف تزهر أكثر خلال فترة وجيزة.

إذن هل سوف نستسلم بهذه الحالة؟ وهل سنبقى غير مهتمين إزاء الأحداث الخطيرة التي نعيشها كمواطنين في هذه الدولة؟ بالتأكيد لا! لأن أي أمة على امتداد التاريخ الإنساني لم تستطع مقاومة الكوارث المؤثرة على مصيرها دون ارتباط القلوب بعضها ببعض. ألم نتمكن على امتداد ألف سنة من تاريخنا من تجاوز كوارث كثيرة من خلال تعاوننا؟

وسوف نتجاوز هذه الكوارث بمشيئة الله ولكن لتحقيق ذلك نحن مضطرون إلى جلب الأمن والنظام إلى منازلنا أولًا. وأن لا نعتمد على أحد غيرنا. لأن من دعوناهم بالحلفاء لا يتصرفون كذلك بل كعدو صلب على نحو مبالغ فيه. وبذلك لن يعرف من هو الصديق من العدو دون أن تحل علينا المصيبة. وفي هذه الحالة، فإن المخرج الوحيد هو طريقنا، أي أنفسنا.

وبإمكاننا رؤية كم كانت تصرفات من دعوناهم بالحلفاء مزيفة ومنافقة عند رجوعنا بضع سنوات إلى الوراء فقط من عمر الأزمة السورية. ومن المحتمل أن التعرجات الأمريكية التي رأيناها في سياستها المتناقضة تجاه سوريا والعراق، قد فرضتها الضرورة، أو أنهم أرادوا رؤية المشهد بالكامل. ومن المحتمل أيضًا أنهم يرغبون في إبقاء المنطقة في وضع دموي لسنوات أطول.

فالحرب العالمية الأولى استمرت أربع سنوات، بينما استمرت الثانية ست سنوات، في حين استمرت الحرب العراقية - الإيرانية ثماني سنوات. وقد بذلت الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ما بوسعها آنذاك من أجل إطالة الحرب العراقية - الإيرانية. وكانوا يتوقعون فقدان كلا الدولتين قوتهما وإضعافهما من خلال توازن لا رابح أو خاسر فيه. وإن اطلعنا على نتائج الحرب نجد أنهم نالوا ما سعوا لأجله. حيث لم تعد الدولة عراقية واضحة للعيان بل انقسمت في الواقع إلى ثلاثة أقسام. في حين خضعت إيران لسنوات عديدة للحظر، وأهدرت موارد الدولة.

على الجميع أن لا يعتقد أن أمريكا لا ترى الصورة بالكامل بشأن المنطقة. ومما لا شك فيه أنه بالإمكان رؤية ذلك بوضوح أكبر من خلالنا. ولكن الصورة التي تراها تتعلق أكثر بواقع سياستها وأهدافها. هذه الصورة لا علاقة لها أبدًا بالصورة التي نراها نحن وواقعنا وواقع المنطقة. وقبل كل شيء لا بد من معرفة الصورة الكبرى التي تتخيلها أمريكا تجاه المنطقة. وأيضًا معرفة الدور الذي حصدته تركيا في هذه الصورة. ولا أقصد في ذلك من هم ظاهرون بالنسبة لنا بل غير ظاهرين. وفي حال لم نعرف اللعبة التي تجري، كيف سنعرف ما الدور الصحيح المفترض القيام به؟

وهكذا بعد اطلاعنا على مختلف الجوانب، ومحاولتنا إيجاد مسار لدولتنا. وحديثنا عن "الاتحاد الأوروبي" و"منظمة شنغهاي الخماسية". في النهاية أصبحنا بمفردنا مع واقعنا. أو كما يقال فقد ضربنا عرض الحائط. وهناك تعبير رائع في أذربيجان يقول: "من ينظر في اتجاهين مختلفين يصاب بالحول". أي ينبغي علينا أن نفهم أن لا حل آخر لدينا سوى العمل وفقًا لواقعنا.

عن الكاتب

عبد الله مراد أوغلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس